للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب وأنسا شهادته, ويدل على هذا أنه إذا نسي لم يحكم بالكتاب وإنما حكم بما يذكره فليس التأويل إلا الأول وهو ظاهر لمن تأمل كلام الشافعي رضي الله عنه في " الأم" ومن أصحابنا من قال: صورة المسألة أن الحاكم إذا حكم لرجل بشيء يقول للمحكوم له: ائتني بصحيفة لأكتب لك فيها ذلك فلا أنسى فإني إذا نسيت لا يفيد حكمي وليس معناه لا يحكم له حتى يأتي بالكاغد [١٢/ ٦٥ أ] ولكن يقدم إليه العذر. فإن كان القاضي بحيث لا يمكنه حفظ شهادة شاهد إلى أن يشهد الآخر بل يلتبس عليه, وقال أبو حامد وأكثر أصحابنا: هذا هو الصحيح في الفقه, لأن الشافعي ذكر هذه المسألة في " الأم" على خلاف نقل المزني وقال: ائتني بالصحيفة لشهادة شاهدين يعني لأكتب فيها شهادة شاهديك فالمزني حرف ذلك ونقل: ائتني بصحيفة فيها شهادة شاهديك والصحيح هذا ومن تأمل كلامه في " الأم" عرف حقيقته, وقال في " الحاوي": اختلف أصحابنا في تأويله على وجهين أحدهما: يكتب فيه ما حكم له بالشهادة والثاني يكتب فيه الشهادة ليحكم بها فمن ذهب إلى التأويل الأول منع من سماع الشهادة قبل إنكار الخصم ومن ذهب إلى التأويل الثاني جوز سماع الشهادة قبل إنكار الخصم,

فرع آخر

إذا تعذر القاضي من بيت المال وأراد أن يرتزق من الخصوم فقد ذكرناه.

وقال في " الحاوي": إن لم يقطعه النظر عن اكتساب المادة إما لغنائه بما يستجده وإما لقلة المحاكمات التي لا تمنعه من الاكتساب لم يجز أن يرتزق من الخصوم, وإن كان يقطعه النظر عن اكتساب المادة مع صدق الحاجة جاز له الارتزاق منهم [١٢/ ٦٥ ب] بثمانية شروط أحدهما: أن يعلم به الخصمان قبل التحاكم إليه فإن لم يعلما إلا بعد التحاكم لم يجز أن يرتزق منهما والثاني: أن يكون رزقه على الطالب دون المطلوب والثالث: أن يكون عن إذن الإمام لتوجه الحق عليه ولا يجوز بغير إذن الإمام والرابع: أن لا يجد الإمام متطوعاً والخامس: أن يعجز الإمام عن دفع رزقه والسادس: أن يكون ما يرتزقه من الخصوم غير مؤثر عليهم ولا مضر لهم , والسابع: أن لا يستزيد على قدر حاجته, والثامن: أن يكون قدر المأخوذ مشهوراً يتساوى فيه جميع الخصوم وإن تفاضلوا في المطالبات لأنه يأخذه على زمان النظر فلم يعتبر بمقادير الحقوق فإن فاصل بينهم لم يجز إلا أن يتفاضلوا في الزمان.

واعلم أن في مثل هذا معرة تدخل على جميع المسلمين ولئن جازت في الضرورات فواجب على الإمام وكافة المسلمين أن تزال مع الإمكان إما بأن يتطوع منهم بالقضاء

<<  <  ج: ص:  >  >>