والثاني: ليس له ذلك لأن اليمين صارت حقًا للمدعي في المجلس الأول وسقط فيه حق المدعى عليه عنها فلا تعود بزوال المجلس وعلى هذا يجب أن لا يلزم استئناف الدعوى والرد في المجلس الثاني.
فرع آخر
إذا ادعى رجل على رجل عشرة دنانير فأنكر وامتنع من اليمين وقال: أرد اليمين في خمسةً من هذه الجملة وأحلف في الباقي.
الظاهر جواز هذا الرد لأن نكود المدعى عليه ويمين المدعي إما أن تكون كإقرار المدعى عليه، أو كإقامة البينة، أو أضعف منهما، وأي الأمور كان يوجب جواز ذلك لأنه لو أقر بالبعض ورد اليمين كان له، فكذلك هذا لأن كل واحد منهما رد اليمين في بعض ما تناولته الدعوى، فلو ادعى على رجل عشرة دنانير فأنكر فقال المدعي: أحلفه في خمسةً الآن، الأظهر أن له ذلك لأن له إقامة البينة على البعض فله التحليف في البعض، لأن كل واحد منهما أحد حجتي المدعي، ولا يقال في هذا إضرار بالمدعى عليه لأن هذا يوجب إذا ادعى خمسةً وحلف المدعى عليه أن لا تسمع دعواه في خمسةً أخرى ليعرض عليه اليمين ثانيًا، وكذلك [١٢/ ١٠٢ ب] ثالثًا ورابعًا. ومن أصحابنا من قال في كلتي المسألتين: ليس له ذلك وليس بشيء.
فرع آخر
لو شهد شاهدان لرجل ثم قال المدعي بعده: صرفت شاهدي عن شهادتهما هذه بطلت الشهادة ولا يصح الحكم بها لأن صحة الشهادة تفتقر إلى طلب المدعي لها فلا بد من المقام على الطلب، يؤكده أن الشاهد لو صرف نفسه عن الشهادة لم يجز القضاء بشهادته كذلك إذا صرفه المشهود له عنها، فإن عاد المدعي وأقام هذا الشاهد ثانيًا قبلت الشهادة لأنه لم يكذبها، وإنما صرف نفسه عن إقامتها فإذا أعيدت ثانيًا لزم قبولها.
فرع آخر
إذا ادعى على آخر شيئًا في يده وأقام بينة على ما ادعاه، ثم أقام المدعى عليه بينة على أن الشيء له، ثم أقام الخارج بينة على إقرار المدعي أنه لا حق له فيه ولم يذكروا التاريخ يحتمل أن يقال: يقضى ببينة الخارج لأن قوله لا حق له فيه إنما يبنى عما عقلناه بالأصل أنه لا حق له فيه فكما أن عملنا بهذا الأصل لا يمنع من القضاء بشهود الخارج على إقرار صاحب اليد لم يكن قول المدعى عليه إذا وافق هذا الأصل مانعًا منه، ويبين هذا أن هذه الدعوى لو كانت بدين في الذمة فأقام المدعي بينةً على إقرار المدعى عليه بكذا وأقام الآخر بينةً على إقرار المدعي أنه لا حق له عليه لم تكن هذه [١٢/ ١٠٣ أ] البينةً دافعةً لبينة المدعى على ما ذكرنا من المعنى، فكذلك القول إذا كانت الدعوى في العين.