إذا شهد على شهادة ابنه وكانا عدلين صحت الشهادة، فإن قيل: لعل الابن يخفي من حال والده ما لو ظهر كان جرحًا قلنا: نحن لا نعمل على تعديل الابن بل المسألة مصورة فيه إذا عرفت عدالة الوالد من غير جهة الابن ولا تهمة في سماع الشهادة على شهادته، ولا يقال: يخفى الجرح إذا كان شاهدًا على شهادته لينفذ قوله فيصير متهمًا من هذا الوجه لأن هذا يوجب إذا شهد الرجل مع ابنه لأجنبي شيء أن لا تقبل شهادتهما لأن كل واحد يخفي ما يعلمه من صاحبه من الجرح ليعمل، وأجمعنا على قبول هذه الشهادةً وهذا اختيار عبد الله القطان الطبري من أصحابنا.
ويحتمل أن يقال: لا تقبل لأنه لو شهد على شهادة وجرحه وعدله سائر الناس لم تقبل شهادته على شهادته فلما كان قوله عليه بالجرح مسموعًا وهو سكت عن الجرح صار كأنه منفذًا لشهادته لأن شهادته لا تتم إلا بسكوته عن جرحه وبهذا خالف شهادة الرجل مع ابنه لآخر، لأن أحدهما: لو جرح الآخر وعدلهما سائر الناس كان العمل على التعديل فلا تهمة إذا في شهادة أحدهما مع صاحبه فجوزناها.
فرع آخر
إذا شهد الابن عند أيه الحاكم لأجني على آخر الأظهر [١٢/ ١٠٣ ب] أنه لا يقبل، وإن كان أزهد الناس عند الكافةً لأنه يجوز أن يخفي ما يعرفه من أحواله من الجرح فلا يعرى عن تهمةً، وفيه وجه آخر: يجوز ذلك إذا كانت عدالته معقولة من غير جهة الوالد.
قال هذا القائل: أليس يجوز للوالد أن يستخلف ابنه على القضاء ولا يعرى عن تهمةً لأنه قد يخفي ما لو ظهر لا يجوز استخلافه فجاز مثله في مسألتنا، وهذا لأن التهمة الضعيفة لا توجب رد الشهادة كالصداقةً والأخوة.
فرع آخر
إذا ادعى على آخر في يده وأقام بينة، ثم أقام المدعى عليه شاهدين على أن الشيء له فعاد شهود المدعي بمطالبة المدعي وشهدوا بجرح شاهدي المدعى عليه الأظهر أن هذه الشهادة مسموعة؛ إذ لا مانع من قبولها من قرابةً وعداوةً وغيرها، وقال بعض أصحابنا: لا تقبل هذه الشهادة لأنهم متهمون في تنفيذ شهادتهم وهذا ضعيف لأن شاهد الفرع إذا عدل شاهد الأصل قبل، وإذا شهد الرجل مع ابنه بحق تقبل الشهادة وما ذكروه من التهمةً الضعيفةً موجودةً في هذين الموضعين وهذا لأن ما عرفناه من عدالة الشاهدين يمنعنا من المبالاة بهذه التهمةً الضعيفة.
فرع آخر
إذا أراد النظر إلى امرأةً أجنبيةً للشهادةً مرةً واحدةً وهو يعلم أنه لا يقع له [١٢/ ١٠٤ أ] المعرفة بالمرة الواحدة على وجه لو رآها ثانيًا علم أنها تلك المرأةً هل يفسق به