ويصير ذلك طعنًا؟ ويحتمل أن يقال: لا يكون طعنًا لأن لهذه الرؤية تأثيرًا في شهادته لأن الرؤية لو تكررت حتى وقعت المعرفة على الوجه الذي ذكرناه كان المؤثر في ذلك جميع ما تقدم من الرؤية فلم يصر هذا طعنًا في العدالة، وإن كان هذا القدر غير كاف في جواز الشهادة كالعبد يدخل في الشهادة في مثل ذلك فلا يصير طعنًا في عدالته من جهة جواز أداء الشهادة بهذه الرؤية بعد الحرية، وإن كانت لا تقبل في الحال ويحتمل أن يقال: يكون طعنًا لأن التحمل لا يقع بهذه الرؤية فهي إذًا غير مفيدةً فصار كالرؤية لا لغرض صحيح ويفارق مسألة العبد لأن التحمل هناك يقع بتلك الرؤية على وجه الصحة فصارت الرؤية مفيدةً هناك فلم تصر طعنًا، وهذه الرؤيةً وإن كان لها تأثير فإنما يحصل ذلك التأثير بضم غيرها إليها ومسألتنا فيمن يريد الاقتصار على هذه النظرةً الواحدةً.
فرع آخر
إذا قال المشهود له للشاهد: عفوت عن أداء الشهادة ثم طلبها منه يلزمه إقامتها لأن أداء الشهادة عند الطلب هو حق لله تعالى وحق الله تعالى لا يصح فيه العفو من جهة الآدمي له ولأن الشاهد يجرح بهذا العفو من الشهادة لأنه لو أقامها بعد الطلب [١٢/ ١٠٤ ب] صحت الإقامة.
فرع آخر
إذا قال: زنيت ولكني حددت يحتمل أن يقال: لا يقبل قوله بخلاف ما لو رجع عن إقراره يقبل لأن رجوعه أوجب شبهة في أصل الفعل وهو الزنا فلم يكن الحد، وهنا يدعي استيفاء ما وجب عليه فلا يقبل إلا ببينة، ويحتمل أن يقال: يقبل لأنه لو لم يقبل قوله في استيفاء الحد لم يقبل في الرجوع كما في الأموال، يؤكده أنه لو أقر ثم رجع لا يقبل، ولو ادعى دفع الزكاة إلى ساعٍ آخر قبل قوله فصار أمر القبول في دعوى الاستيفاء أولى.
فرع آخر
إذا قال رجل: لا شهادةً لفلان عندي في الأرض الفلانية إلا باليد، ثم شهد بالملك في الحال يحتمل أن يقال: لا تقبل، ولا يقال: اليد دلالةً على الملك، والشاهد به الشاهد بالملك في الحقيقةً؛ لأنه لو صح هذا لما جاز أن يكون شاهدًا بالملك دون اليد، أو باليد دون الملك وأجمعنا على جوازه.
فرع آخر
لو قال للقاتل: عفوت عن بعض دمك ولم يبين مقدار البعض فإن قلنا: البراءةً عن المجهول تجوز فهذا أجوز، وإن قلنا: لا يجوز ذلك فهنا يحتمل أن يقال: يجوز لأن العفو عن البعض فيه كالعفو عن الكل.