للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعذرة هنا، ويعتبر في التوبة الانقياد والطاعة وهي هنا موجودة، وروى إبراهيم النخعي أن عمر رضي الله عنه، نهى الرجال أن يطوفوا مع النساء" فرأى رجلًا يصلي مع النساء فضربه بالدرة فقال الرجل: والله إن كنت أحسنت فقد ظلمتني، وإن كنت أسأت فقد علمتني فقال عمر: أما شاهدت عزمي [١٢/ ١٢ ب] قال ما شهدت لك عزمة فألقى إليه الدرة وقال: اقتص فقال: لا أقتص اليوم قال: فاعف قال لا أعفو اليوم فافترقا على ذلك ثم لقيه من الغد فتغير لون عمر رضي الله عنه فقال له الرجل: يا أمير المؤمنين أرى ما كان مني قد أسرع فيك؟ قال: أجل، قال: "فأشهدك أني قد عفوت عنك فبذل له القصاص" وإن لم يجب ليزول عنه مأثم الخطأ في حقه وإن الخطأ في حق الله تعالى عفو. فإن مكن من نفسه فلم يستوف صحت توبته فإنه عليه الانقياد وليس عليه الاستيفاء، وإن كان الذنب معصية يتعلق بها مع الإثم حق فضربان: فعل وقول: فأما الفعل فضربان؛ أحدهما: يختص الحق بالآدميين كالغصب والقتل فصحة توبته بثلاثة شروط بالندم، والعزم على ترك مثله، ورد المغصوب أو بدله إن عدم فإن أعسر أنظر إلى ميسرته والتوبة صحت وهذه التوبة تعتبر في الظاهر والباطن، والثاني: أن يختص الحق بالله تعالى كحد الزنا ونحوه، فإن كان استسر بفعله ولم يتظاهر به فالأولى أن يستره على نفسه ولا يظهره وتوبته بشيئين على ما ذكرنا، فإن أظهره لم يأثم بإظهاره لأن النبي صلي الله عليه وسلم لم ينكر على ماعز حين أظهر الزنا من نفسه فإن اظهر ذلك قبل التوبة وجب الحد وتوبته بثلاثة شروط: [١٢/ ١٢٢ أ] الندم، والعزم، وتسليم نفسه للحد فإن لم يحد صحت توبته والمأثم على من ترك إقامة الحد، وإن أظهر بعد توبته فهل تسقط الحدود بالتوبة؟ فيه قولان فإن قلنا: تسقط توبته بشرطين، وإن قلنا: لا تسقط بتوبته بثلاثة شروط، وهذا إذا تاب قبل ظهور حاله يعود بعد التوبة إلى حاله قبل المعصية، فإن كان مقبول الشهادة قبلت بعد التوبة ولا يتوقف عنه لاستبراء صلاحه لأنه ما أظهر التوبة فيما كان مستورًا إلا عن صلاح يغني عن استبراء الحال.

والثانية: أنه يكون تظاهر بها فعليه أن يتظاهر بالتوبة أيضًا، فإن ثبت الحد عليه عند مستوفيه فتوبته بثلاثة شروط، وإن تاب قبل ثبوت الحد عليه فهل يسقط بالتوبة؟ فيه قولان على ما ذكرنا.

وأما ثبوت العدالة وقبول الشهادة فمعتبر بعد التوبة بصلاح حاله واستبراء أفعاله بزمان يختبر فيه لقوله تعالى: {إلاَّ مَن تَابَ وآمَنَ وعَمِلَ صَالِحًا}] الفرقان: الآية ٧٠ [. واعتبر أصحابنا في هذا سنة كاملة لأنها تشتمل على الفصول الأربعة المهيجة للطباع. وقد قال الشافعي في هذا: يصلح عمله مدة من المدد ولم يقدر ولأن السنة تتعلق بأحكام كثيرة في الشرع من وجوب الجزية والزكاة وتحمل الفعل، والطباع تختلف بها فكانت أولى بالاعتبار، وهل تكون السنة على التحقيق أو التقريب؟ فيه وجهان [١٢/ ١٢٢ ب] وقال بعض أصحابنا: يعتبر ستة أشهر.

وأما المعصية بالقول فضربان؛ ردة يتعلق بها حق الله تعالى، وقذف بالزنا يتعلق به

<<  <  ج: ص:  >  >>