لو كان من غير أهل الشهادة فشهد بالزنا لم تقبل شهادته بعد التوبة إلا باستبراء حاله وإصلاح عمله لظاهر الآية. [١٢/ ١٢٠ ب].
فرع آخر
هل يحتاج تفي توبة القذف أن يقول: ولا أعود إلي مثله؟ فيه وجهان؛ أحدهما: لا يعتبر بل يكفي الندم والعزم علي أن لا يعود إلي مثله, وإكذابه نفسه لأن العزم علي ترك مثله يغني عن هذا القول, والثاني: لابد منه لأن القول في هذه التوبة شرط والعزم ليس بقول.
فرع آخر
إذا كان القذف بالشهادة لنقصان العذر فإن قلنا: لا حد عليه لا يؤمر بالتوبة لأنهم قصدوا إقامة حد الله تعالي, وإذا قلنا: يحدون يحكم بفسقهم وتجب التوبة فيقول: قذفي باطل ولا يحتاج إلي الندم وترك العزم في المستقبل لأنها شهادة في حق الله تعالي ولا يعتبر أن يقول: إنني كاذب ولا أن يقول: لا أعود إلي مثله لأنه لو كمل عدد الشهود لزمه أن يشهد.
فرع آخر
متى كانت الشهادة تقبل بنفس التوبة فللإمام أن يقول له: تب أقبل شهادتك كما قال عمر رضي الله عنه لأبي بكره, وقال مالك: لا أعرف لهذا القول وجها وهذا رد منه علي عمر رضي الله عنه في قول انتشر في الصحابة ووافقوه عليه, وقال الشافعي: كيف لا يعرفه وقد أمر النبي صلي الله عليه وسلم بالتوبة وقال عمر هكذا.
فرع آخر
شروط التوبة تختلف باختلاف وللذنب حالتان:
إحداهما: أن يتعلق به حق, والثانية: أن لا يتعلق به حق [١٢/ ١٢١ أ] فإن لم يتعلق به حق سوي الإثم كمن قبل أجنبية أو لمسها أو وطئها دون الفرج أو شرب مسكرا فالتوبة من بشرطين: الندم والعزم علي ترك مثله في المستقبل قال الله تعالي: {والَّذِينَ إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً}[آل عمران: الآية ١٣٥] الآية. فالندم بالاستغفار والعزم علي تركه بقوله:{ولَمْ يُصِرُّوا}[آل عمران: الآية ١٣٥] , وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: بقية عمر المرء لا قيمة لها يدرك بها ما فات ويحيي ما أمات وتبدل سيئاته حسنات, فإن كان هذا الذنب باطنا يكتفي فيه بالتوبة الباطنة, وإن كان ظاهرا ففيما بينه وبين الله تعالي يكفيه التوبة الباطنه ولا يكتفي فيما بينه وبين العباد لا بالتوبة الظاهرة, فإن تجاوز إلي أن أثم به في حق العباد, وإن لم يتعلق به غرم ولا حد كمن تعدي بضرب إنسان احتاج مع ما ذكرنا إلي استحلال المضروب فإن أحله وإلا مكنه من نفسه حتى يقابله علي فعل مثله, وإن كان لا يجب في الحكم به قصاص لأنا نعتبر من القصاص المماثلة وهي