كمسألة العتق سواء، وقال بعض أصحابنا بخراسان: إذا قلنا لا يعتق الولد ولكن هل يثبت النسب بإقرار المدعي؟ فيه قولان قال في "كتاب الدعاوي" لا يثبت وقال في التقاط المنبوذ يثبت وهذا ليس بشيء.
مسألة: قال: "ولو أقام شاهدًا أن أباه تصدق بهذه الدار صدقة مُحرمة".
الفصل
في هذه المسألة فصول كثيرة، وجملتها أن الشافعي رضي الله عنه هنا نص على أن الوقف يثبت [١٢/ ١٥١ أ] بالشاهد واليمين، واختلف أصحابنا في هذا فمنهم من قال على القول الذي يقول الرقبة تنتقل إلى الموقوف عليه فأما إذا قلنا: الرقبة لله تعالى فلا يثبت بشاهد ويمين، وعلى هذا عامة أصحابنا وقال ابن سريج: يثبت به على القولين جميعًا، والفرق بين العتق والوقف أن القصد من العتق كمال أحكامه في الشهادات والعبادات والكفارات والحدود وليس كذلك الوقف؛ لأن القصد منه تمليك العلة والمنفعة لا مقصود له غيره، وهذا مال فجاز أن يثبت بالشاهد واليمين، فإذا تقرر هذا نقول: اختلف أصحابنا في صورة المسألة التي نقلها المزني.
فقال أبو إسحاق وابن سريج وجماعة: صورتها أن يموت رجل ويخلف ثلاثة بنين وزوجة وأبوين فادعى الأولاد الثلاثة أن دارًا أو ضيعة من جملة تركة أبيهم وقف عليهم وقفها أبوهم دون سائر الورثة وأقاموا على ذلك شاهدًا واحدًا، فأما إذا كانت الدار في يد أجنبي يتصرف فيها فقالوا: هذه الدار وقف علينا وقفها أبوك وهي في يدك بغصب لا يحكم لهم بها بالشاهد واليمين، وهذا مثل ما حكي المزني عن الشافعي أنه قال في رجل يدعي على رجل عبدًا في يده أنه أعتقه وأن له عليه ولاءً وأقام على ذلك شاهدًا وحلف معه وحكم له قولًا واحدًا لأنه يثبث به الملك، فإذا ملكه صار حرًا [١٢/ ١٥١ ب] بإقراره فكذلك هنا يحكم له به ويصير وقفًا بإقرارهم، ومن أصحابنا من قال: هو اختيار ابن أبي هريرة صورة هذه المسألة أن يدعي الأولاد الثلاثة على رجل مات أبوه وخلف من جملة التركة دارًا أو ضيعة فيقولون: إن هذه الدار وقف علينا وقفها علينا وأقاموا شاهدًا واحدًا فمن قال هذا قال الذي يدل على أن مراد الشافعي هذا دليلان: أحدهما: أن الشافعي قال فمن حلف منهم مع شاهده حكم له وصار ما بقي ميراثًا بينهم وإذا كانت الدار في أيدي الأولاد الثلاثة فمن لم يحلف لا يصير الباقي بينهم ميراثًا ولكن يجعل نصيب كل واحد منهم وقفًا بإقراره وإقرار جميع الورثة بالوقفية صار كلها وقفًا بإقرارهم ولا يحتاج إلى الشهادة.
والثاني: أنه قال: وإن حلفوا معًا خرجت الدار من ملك صاحبها والظاهر من هذا أنه المدعي دون المدعي عليه، فإن المدعي عليه لم يجز له ذكر والباقي، فإن (أبى)