أخواه أن يحلفا فنصيبه منها وهو الثلث صدقة على ما شهد به شاهده ثم نصيبه على ما تصدق به أبوه عليه بعده وبعد أخويه وهذا نص على قول أبي إسحاق.
فأما قول الشافعي رضي الله عنه وكان ما بقي ميراثًا فصحيح فإنا نقسم بين جميع الورثة على فرائض الله تعالى فإن كانت للميت وصايا أو كانت عليه ديون [١٢/ ١٥٢ أ] قضاها ونفذنا الوصايا، وإن لم يكن قسمناه بينهم ثم نجعل نصيب كل واحد ممن ادعى أنه وقف ونكل عن اليمين وقفًا بإقراره ونصيب من لم يدع أنه وقف طلق في يده هذا كما نقول فيمن شهد على رجل أنه أعتق عبده فردت شهادته فاشتراه منه ملكه بالشراء عتق عليه بإقراره الأول فقد صار الكل ميراثًا من نصيب من لم يدع الوقف وهو من عدا الأولاد.
وأما قوله: أخرجت الدار من ملك صاحبها إلى من جعلت له جماعة تفقد بفقد الوقف فلم يكن فيه دليل على ما قاله، فإذا ثبت أن صورة المسألة ما ذكرناه، وادعى الأولاد الثلاثة أن الدار وقف عليهم فإذا انقرضوا فعلى أولادهم أو على المساكين وأقاموا شاهدًا واحدًا فلا يخلو من ثلاثة أحوال:
إما أن يخلفوا، وإما أن يتكلموا، وإما أن يحلف بعضهم وينكل بعضهم، فإن حلفوا صارت الدار وقفًا عليهم تكون منفعتها بينهم أثلاثًا، فإن ماتوا لم يخل من أحد أمرين: إما أن يموتوا دفعة واحدة، أو يموت بعضهم دون بعض، فإن ماتوا دفعة واحدة انتقل الوقف إلى البطن الثاني، والمذهب أنهم لا يحتاجون إلى اليمين لأن الشافعي قال: فإن جاء بعدهم أحد قام مقام الوارث أي ولد الوالد قام مقام والده، وقد ثبت أن الوارث لا يحتاج إلى اليمين فما ثبت لمورثه [١٢/ ١٥٢ ب] بالشاهد واليمين وهذا اختيار أبي إسحاق وجماعة، ومن أصحابنا من قال: وهو اختيار ابن سريج يحلفون ولا يستحقون إلا بيمين، لأن البطن الثاني إذا كان مع البطن الأول في الوقف سواء لم يستحقوا إلا مع الأيمان، فكذلك إذا كانوا وحدهم وهذا غلط؛ لأنهم وإن تلقوه من جهة الواقف إلا أن بينهم وبينهم واسطة أثبتوه وقفًا فلا تحتاج إلى إثبات آخر. وقال القفال: فيه قولان مبنيان على أنهم يتلقون الوقف عن آبائهم أو عن الواقف، فإن قلنا عن الواقف يلزمهم اليمين، وإن قلنا عن آبائهم فلا يمين عليهم وفي هذا نظر ولا يصح عندي.
وأما قول ذلك القائل أنهم إذا كانوا في درجة البطن الأول قلنا: الفرق أنهم إذا كانوا مع البطن الأول فليس بينهم وبين الواقف واسطة بل كل واحد منهم أصل بنفسه وليس كذلك هنا على ما ذكرنا، وكذلك الكلام في البطن الثاني إلى أن ينتهي إلى الفقراء والمساكين، فإذا انتهى إليهم فإن قلنا بالمذهب الصحيح يأخذون من غير يمين فالفقراء بذلك أولى، وإن قلنا بقول بعض أصحابنا أن البطن الثاني لا يستحقون إلا بيمين فالفقراء لا يمكن إحلافهم لأنهم غير محصورين فكيف يكون حكم الوقف [١٢/ ١٥٣ أ] فيه ثلاثة أوجه: أحدهما: يبطل ويعود ملكًا مطلقًا لورثة الواقف وهذا اختيار