مسألة: قال: ويحلف الرجل في حق نفسه وما عليه بعينه على البت.
معنى قوله في حق نفسه أنه إن ادعى على غريم دينًا فقال الغريم: قد استوفيته مني يحلف بالله ما استوفيته منك ولا يرضى منه بأن يقول: بالله لا أعلم أني استوفيته منك وقوله فيما عليه بعينه معناه أن الذمي إذا ادعى عليه فأنكر فالقول قوله مع يمينه ويحلف على البت، ولا يكتفي منه بالعلم لأن أحوال نفسه لا تكاد تخفي عليه، وأما قول الشافعي مثل أن يدعي عليه براءً من حق له فيحلف بالله أن هذا الحق ويسميه الثابت عليه ما اقتضاه ولا شيئًا منه ولا مقتضي بأمره بعلمه ولا أحال به ولا بشيء منه ولا أبرأه ولا من شيء منه بوجه من الوجوه فذاك خمس شرائط: إحداهما: أن هذا الحق الثابت عليه، والثانية: ما اقتضاه ولا شيئًا منه يريد ما قبضه ولا شيئًا منه، والثالثة: ولا مقتضي بأمره بعلمه يريد به ولا قبضه غيره بأمره وإنما قال بعلمه لأن من عليه الدين إذا قال: دفعت الدين إلى وكيلك حلف أنه لا يعلم أن وكيلي قبضه فلهذا شرط العلم ويرجع معناه إلى قبضه لا إلى أمره به، قال في "الأم": ويزيد على ذلك ولا قبضة غيره بغير أمره ثم وصل إليه لأنه إذا قبضه غيره بغير أمره ثم وصل إليه فقد برئ به من عليه الدين، والرابعة: ولا أحال به [١٢/ ١٦٦ أ] ولا بشيء منه، والخامسة: ولا أبرأه ولا من شيء منه ثم قال: وإنه لثابت عليه إلى أن يحلف بهذه اليمين وهذا تكرار الأول لأنه قال: إن هذا الحق ثابت وهذا يقتضي ثبوته في الحال، ولو جعل ست شرائط مع الذي زاد في "الأم" كان صحيحًا. واختلف أصحابنا في هذا فمنهم من قال: تلزم اليمين على ما ذكر الشافعي على الأنواع كلها لأنها أنفى للإجمال، وقد ذكرنا عن أبي إسحاق أنه قال: إذا ادعى جهة معينة فقال: دفعتها إليه أو أبرأني منها فيمين المدعي مقصورة على النوع الذي ادعاه وهو الأصح لأن ما لم يذكره لا يطالب به. قال الشافعي: وإن كان حقًا لأبيه حلف على البت في نفسه وفي أبيه على العلم وأراد به أنه إذا ادعى عليه أنك استوفيت دين أبيك حلف على البت، وإن ادعى أن أباك استوفى وإنك تعلم ذلك حلف أنه لا يعلم ذلك لأن فعل أبيه قد يخفي عليه. وجملته أن اليمين على أربعة أضرب: أحدهما: أن يحلف على إثبات فعل نفسه، والثاني أن يحلف على نفي فعل نفسه، والثالث على إثبات فعل غيره، والرابع أن يحلف على نفي فعل غيره وفي جميعها يحلف على البت أو في القسم الأخير فإنه يحلف على العلم وذلك مثل ما ذكرنا. وكذلك لو ادعى أن أباه اشترى منه كذا أو استقرض منه كذا أو أتلف عليه كذا أو وهبه ونحو ذلك فإنه يحلف [١٢/ ١٦٦ ب] أنه لا يعلم أن أباه فعل ذلك أو لا يعلم أن له على أبيه ما يدعيه من الدين، ولو ادعى على أبيه الميت دينًا حلف الوارث على العلم فلو رد اليمين على المدعي حلف على البت وعلى هذا فقس، وإن شئت قلت: