للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا حلف على الإثبات حلف على البت سواء كان يحلف على فعل نفسه، أو على فعل غيره وإن حلف على النفي نظر فإن كان على نفي فعل نفسه حلف على البت، وإن كان على نفي فعل غيره أو معنى يرجع إلى غيره حلف على العلم، وإنما كان كذلك لأنه لا يمكنه الإحاطة بعدم فعل غيره ولا يمكنه القطع عليه أبدًا فحلف على العلم وليس كذلك فعل نفسه، فإنه يمكنه أن يحيط بوجوده وعدمه فوجب أن يحلف على القطع، ولهذا نقول: إذا ادعي عليه عيب باطن في الحيوان أنه يحلف على العلم فيقول: بعته وما به داء علمته لأن العيب الباطن تشق معرفته ويتعذر لأنه يفتدى على الصحة والسقم وتحول طبائعه، وقل ما يبرأ من عيب يخفي أو يظهر، وقال الشعبي والنخعي: الأيمان كلها على العلم سواء كانت على نفي فعل نفسه أو فعل غيره، وقال ابن أبي ليلى على البت في النفي: سواء كان علي فعل نفسه أو فعل غيره، واحتج الشعبي بأنه لا يجوز أن يحلف ما لا علم له به، واحتج ابن أبي ليلى بأنه لا يجوز اليمين بالاحتمال كما في فعل نفسه، وهذا غلط لما روي في خبر الخضرمي [١٢/ ١٦٧ أ] والكندي "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للخضرمي: هل بينه؟ قال: لا ولكن يحلف يا رسول الله بالله الذي لا إله إلا هو ما يعلم أنها أرضى اغتصبنيها أبوه فيها الكندي لليمين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لا يقتطع رجل إلا بيمينه إلا لقي الله يوم القيامة يلقاه وهو أجدم، فردها الكندي ولم يكره عليه النبي صلى الله عليه وسلم عرض اليمين على نفي العلم" وروي أنه حلف رجلًا: "قل والله ما له عليك حق". وأما ما ذكروه فلا يصح لأنه يمكنه الإحاطة بفعل نفسه ونفيه دون فعل غيره كما قلنا في الشهادة، تارة تكون على القطع فيما يمكن فيه القطع من العقود، وتارة تكون على غالب الظن فيما لا يمكن فيه القطع من الأملاك والأنساب كذلك هنا.

فرع

لو حلفه الحاكم على البت في الموضوع الذي قلنا يحلفه على العلم لم يضره وكان معناه راجعًا إلى نفي العلم كما نقول في الشهود إذا شهدوا على إثبات النسب بأنه لا وارث له غيره، قال الشافعي رضي الله عنه: تقبل شهادتهم ويكون معناه لا يعلمون له وارثًا غيره.

فرع آخر

قال أصحابنا: إذا ادعى رجل أنه غصبه شيئًا أو أودعه شيئًا ذكره فأجاب فقال: ما له علي حق كان جوابًا صحيحًا ولا يطلب أنه ما غصبه أو لا أودعه لأنه قد يغصبه أو يودعه فيسترده منه، أو سلف الوديعة من غير [١٢/ ١٦٧ ب] تفريط منه فلا يلزمه ضمانها، فلم يكلف اليمين على أنه ما غصبه ولا أودعه ولا يحلف على ذلك، فإنه إن حلف على أنه ما غصبه وكان قد غصبه ثم اشتراه، أو أنه ما أودعه وكان أودعه ثم اشتراه، أو تلف عنده فكان قد حلف كذبًا وذلك لا يجوز، وإن أقر به كلفه الإمام إقامة

<<  <  ج: ص:  >  >>