البينة على ذلك، فإن لم يكن بينة على الشري فيؤخذ منه الشيء أو قيمته وذلك ظلم، فإذا كان كذلك سمع جوابه بأنه ما له عليه حق ويحلف على ذلك، وإن أجاب المدعي عليه بأنه ما غصبه ولا أودعه كان الجواب أيضًا صحيحًا، فإذا أراد أن يحلفه اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال: يحلفه على أنه لا حق له عليه، ولا يحلف على أنه ما غصبه ولا أودعه لما ذكرنا من الاحتياط، ومنهم من قال: يحلفه على حسب الجواب لأنه لما أجاب بذلك دل على أنه يجوز له أن يحلف عليه، ولا يؤدي إلى كذبه في يمينه، وقد ذكرنا هذا في مواضع في أثناء المسائل.
فرع آخر
قال في "الحاوي": ولو ادعى عليه غصب دار فقال: ما غصبته إياها وهي لي دونه ففي إحلاف الحاكم له وجهان: أحدهما: يحلفه على ما أجاب به والله ما غصبته هذه الدار [وأنها لي دونه. والثاني: يحلفه أنه لا حق له في هذه الدار] ولا بسببها؛ لأن الغصب موجب للأجر فصار بادعاء غصبها وملكها مدعيًا [١٢/ ١٦٨ أ] لها ولأجرتها فاحتاجت يمينه إلى أن تتضمن نفي الأمرين: الملك والأجرة فلذلك قال في يمينه، لا حق له فيها ولا بسببها لأنه لا يمتنع أن [يزول] ملكه عنها بعد استحقاق أجرتها بالغصب.
فرع آخر
ادعى دينًا في ذمته ورد إليه يحلف على إثباتها ونفي ما يسقطه فيقول: والله إن لي عليه ألف درهم ما قبضتها ولا شيئًا منها ولا قُبضت لي ولا شيء منها ولا أبرأته منها ولا من شئ منها ولا وجب له علي ما يبرأ به منها أو من شيء منها ثم يقول: وإنها لثابتة عليه إلى وقتي هذا، وقد ذكرنا هذا فإثباتها باليمين يستحق، وأما بقاؤها إلى وقت اليمين فمستحق، وأما نفي إسقاطها ففيه وجهان محتملان: أحدهما: مستحق لأن ثبوتها لا يمنع من حدوث ما يسقطها، والثاني: مستحب لأن إثباتها في الحال يمنع من سقوطها من قبل.
فرع آخر
قد ذكرنا كيف يحلف في اليمين مع الشاهد، وقال في "الحاوي": فيه وجهان: أحدهما: يلزمه أن يذكر فيها وأن ما شهد به شاهده حق وصدق على ما شهد به تحقيقًا لشهادته وإثباتًا لقوله، والثاني: لا يلزمه لأنه في يمينه بمثابة الشاهد الآخر وليس يلزم الشاهد أن يشهد بصدق الآخر وصحة شهادته.