للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليمين على طالب الحق "رواه الدارقطني بإسناده وأما ما رواه فلا حجة فيه لأنه أراد به ابتداء، وأما ما قال مالك رحمه الله تعالى فلا يصح لأن ما يثبت بإقرار المدعى عليه يثبت باليمين مع النكول كدعوى المال ولأن نكول المدعى عليه أقوى من الشاهد لأنه حجة من جهة المدعى عليه فهو في معنى إقراره، وقد ذكرنا أن لأيمان تدخل في الأنساب والطلاق والعتاق والقسامة والنكاح والرجعة والولاء خلافًا لأبي حنيفة رحمه الله وخالف أبو يوسف ومحمد وقال مالك وأحمد رحمهم الله تعالى: لا تعرض اليمين فيما لا يثبت إلا بشاهدين ذكرين، وروي عن أحمد أنه يستحلف في دعوى القصاص والقذف والطلاق والعتاق. ثم اشتغل الشافعي رضي الله عنه بالمناظرة في هذه المسألة فقال: فإن قيل كيف اختلفت في الحدود والطلاق والنسب وجعلت الأيمان كلها تجب على المدعى عليه ثم كلها مردودة على المدعي؟ قلنا: إنما قلنا به استدلالاً بالكتاب والسنة ثم الخبر [١٢/ ١٧٣ ب] عن عمر رضي الله عنه وأما الكتاب فهو أن الله تعالى حكم على القاذف غير الزوج بالحد ولم يجعل له مخرجًا إلا بأربعة شهداء، وأخرج الزوج من الحد بأن استحلف أربع ويلتعن فخامسة فيسقط عنه الحد ويلزمها أن تخرد بأربع أيمان والتعانها من الحد أفضل هذا ما ادعى الشافعي من الكتاب فإن قال: قابل هذا الاحتجاج كيف يستقيم وقد علم أن الخصم لا يسمى اللعان يمينًا وأن الحد عند لا يجب عن المرأة بنكولها عن اللعان ويقولون أيضًا: لا يجب الحد على الزوج إذا أنكل والمحتج بما لا يستقيم إلا على أصله خاطئ، والجواب من وجهين: أحدهما: أن ذلك مستقيم على وجه البقاء فإذا لم يسلم الخصم صار الكلام منقولاً إلى هذه الأصول وللمسئول البناء والشافعي نصب نفسه مسئولاً ألا ترى قال: فإن قيل: كيف أجريت الإيمان في هذه المواضع؟ والجواب الثاني أن هذا الاستدلال منه، وإن كان على خلاف مذهب الخصم فلا يضر إثبات مسائل يدل مسألة واحدة وهذه طريقة قوية في المناظرة وبيانها أنا إذا سئلنا عن الأيمان ثم أجريناها في الحدود فاحتججنا باللعان كما احتج الشافعي فقال: اللعان بشهادة أمكننا أن نثبت بهذه الآية كونه يمينًا لاشتراط لفظ [١٢/ ١٧٤ أ] يمين وأن الرجل لا يشهد بنفسه ويحلف لنفسه، وإذا قال الخصم: أنا لا أوجب الحد عليها أمكننا بهذه الآية وجوب الحد عليها لأن الله تعالى قال: ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله وكان المتقدمون على مثل هذه المناضرة أحرص وإليها أسرع لأنها أكثر فائدة وأجمع علمًا وكأن مناظرة المزني هذا الوجه، وقد قال الشافعي رضي الله عنه: في المزني حين أقبل يومًا من أحب أن ينظر إلى رجل يقطع الشيطان في النظر فلينظر إلى هذا.

وأما السنة التي أدعاها في أول الباب ما روي "أن النبي صل الله عليه وسلم قال للأنصار: من أن تحلفون وتستحقون دم صاحبكم فلما لم يحلفوا رد الأيمان على يهود ليبرؤوا بها فلما لم يقبلها الأنصار تركوا حقهم فلما خاف رسول الله صل الله عليه وسلم ثائرة الفتنة ودي الأنصاري من عنده بمائة من الإبل ". فقد حول النبي صل الله عليه وسلم اليمين من حيث وضعها في الابتداء. وإنما خبر عمر رضي الله عنه الذي ادعاه فهو ما روي أن عمر رضي الله عنه جعل الأيمان

<<  <  ج: ص:  >  >>