على المدعى عليهم فلما لم يحلفوا ردها على المدعين، وكل هذا تحويل يمين من موضع قد بدأت فيه إلى الموضع الذي يخالفه. ثم احتج الشافعي بحديث آخر على الابتداء بعد ما خرج عن هذه دعواه المسابقة فقال:[١٢/ ١٧٤ ب] قال رسول الله صل الله عليه وسلم: وعلى المدعى عليه اليمين فلا يجوز أن يكون على مدعى عليه دون غيره وهو على عمومه في النكاح والطلاق والحدود ولا تخصيص إلا بخبر لازم، وقد روى زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال:"من طلب طلبة بغير شهود فالمطلوب أولى باليمين "، وروي أن حذيفة رضي الله عنه عرض جمل له سرق فخاصم فيه إلى قاضي المسلمين فصارت على حذيفة يمين في القضاء فأراد أن يشتري يمينه فقال: لك عشره فأبى، قال: لك عشرون فأبى، قال: لك ثلاثون فأبى، قال: لك أربعون فأبى، قال حذيفة: أتراني أترك جملي فحلف بالله أنه جمله ما باعه ولا وهبه، وهذا دليل على رد اليمين. وقال الشافعي رضي الله عنه: ولا بأس أن يفتدي الرجل يمينه وبه قال مالك رحمه الله تعالى، وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أنه فدى يمينه بعشرة آلاف درهم. واحتج بحجة أخرى من الخبر الذي ذكر قال: قال النبي صل الله عليه وسلم: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه وهما لفظتان من رسول الله صل الله عليه وسلك ومخرجهما سواء فكيف يجوز أن يقال: إن جاء المدعي بالبينة أخذ حقه، وإن لم يبطل حقه لعجزه ولكن يحدث له حكم آخر وهو استحلاف المدعى عليه وفي جانب المدعى عليه يقال: اليمين حقه، فإن لم يات بها [١٢/ ١٧٥ أ] هل يجب أن يقال: إن لم يأت باليمين حدث له حكم غيرها وهو رد اليمين كما حدث لمدعي إن لم يأت بها عليه حكم غيره وهو اليمين، وإذا ترك النبي صل الله عليه وسلم اليمين من حيث وصفها فكيف لم تحول [.......].
فرع آخر
قال ابن أبي أحمد: لا يقوم النكول مقام الإقرار إلا في خمس مسائل إحداها: إذا جاء الساعي إلى رب الماشية فطالبه بزكاة الماشية فقال: أديتها إلى بياع آخر ولم يحل عليها الحول قال الشافعي: صدقه فإن اتهمه أحلفه فإن نكل عن اليمين سمعت ابن جريج يقول أخذت صدقته. والثانية: قال الشافعي رضي الله عنه: لو أن رجلاً من اهل الذمة غاب في بعض السنة ثم رجع مسلمًا بعد تمام السنة وقال: كنت أسلمت وسقطت عني الجزية فالقول قوله فإن حلف سقطت الجزية وإن أبى أن يحلف حكم عليه بالجزية. والثالثة: قال الشافعي رضي الله عنه: لو أنا كشفنا عن ذراري أهل الحرب فوجدنا منهم من قد أنبت فقال: مسحت به دواء حتى نبت فالقول قوله مع يمينه، فإن أبى أن يحلف قتل. والرابعة: قال رب النخل: قد أحصيت مكيلة ما أخذت وهو كذا وقد أخطأ الخارص أو أصابته جائحة صدق، فإن اتهمه أحلفه، فإن نكل حكم عليه