أبي بن كعب، فصلى أبي بن كعب عشرين ليلة، ثم تأخر، فقال الناس: ابق أبي، ابق أبي، ثم صلى تميم الداري بعد ذلك بقية الشهر، وإنما ندب عمر رضي الله عنه أبياً رضي الله عنه إلى هذا، لأنه كان أقرب الناس عهداً بقراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ القرآن علي: أبي في السنة التي مات فيها، وكان قصده من هذا تلقين أبي من ألفاظه، وإنما جمعهم على إمام واحد لئلا يؤدي إلى الشتات والاختلاف، وأمر بإسراج القناديل راحة للناس وتنويرا للمسجد.
وروي أن عثمان رضي الله عنه، قال:"إنها بدعة ونعمت البدعة"، يعني: القناديل وجمعهم على إمام واحدٍ.
وقال علي رضي الله عنه لما رأى القناديل: رحم الله عمر ونور قبره كما نور مساجدنا بالقرآن واجتمعت الصحابة على ذلك وانقرض عصرهم عليه، فهو إجماع. فإن قيل: فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يصل معهم. قلنا: روى أبو عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه أنه صلى بهم في شهر رمضان، فكان يلم في ركعتين ويقرأ في كل ركعة بخمس آيات، فإذا تقرر هذا، فهل الأفضل أن يصليها جماعة أو منفرداً.
قال في "الأم": "فأما قيام رمضان فصلاة المنفرد أحب إلي منه". قال في "القديم": "إن صلى رجل في شهر رمضان لنفسه فهو أحب إلي، وإن صلاها في جماعة فحسن". وقال في البويطي لما ذكر النافلة المتأكدة بالجماعة: وقيام رمضان في معناها في التأكيد.
واختلف أصحابنا فيه على طريقين فقال عامة أصحابنا، وهو اختيار ابن سريج وأبي إسحق وغيرهما. المذهب أن قيام رمضان في جماعة أفضل من قيامه في الانفراد. ولما روينا من خبر أبي بن كعب رضي الله عنه، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أصابوا"، أو "نعم ما صنعوا"[١٩٧ أ / ٢]. فإن قيل: تركها النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجماعة. قلنا: بين العذر فيه. وقال:"خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها". وقول الشافعي:"فصلاة المنفرد أحب إلي منه". أراد بالصلاة التي هي ركعتا الفجر والوتر اللتين هما من صلاة الانفراد أحب إلي من قيام رمضان، وإن كان هذا القيام من صلاة الجماعة ألا ترى أنه قال:"فصلاة المنفرد أحب إلي"، فلو أراد قيام رمضان في الانفراد، قال: فصلاته منفرداً أحب إلي منه في جماعة، فإن قيل: فكيف يكون أولى من صلاة سنت فيها الجماعة؟.
قلنا: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يدم على فعلها جماعة، بل فعلها ليالي، ثم لم يخرج إليهم،