فكان الوتر أفضل منها، ولا يكون أفضل من العيدين وصلاة الخسوف، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - داوم على فعلها جماعة.
وأما ما قال في "القديم"، فليس فيه تعرض للأفضل، ومن أصحابنا من أخذ بظاهر كلامه. وقال: قيام رمضان في الانفراد أفضل منها في جماعة بشرائط، وهي أن يحفظ القرآن وتأخره عن المسجد ولا يؤدي إلى تعطيل المسجد، وانقطاع الجماعة فيه، وأنه يصلي في بيته أطول من صلاة الإمام.
واحتج هذا القائل بما روى زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للقوم في رمضان لما صلى بهم ليالي: "قد عرفت ما رأيت من صنيعكم فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة، صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة".
ومن قال بالأول قال: هذا الخبر محمول على غير التراويح. وقيل: ما ذكرنا من إجماع الصحابة. ويمكن الجواب إن احتج هذا القائل بما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "أفضل صلاة الرجل تطوعاً في بيته على صلاته في المسجد كفضل صلاة المكتوبة في المسجد على صلاته في بيته".
وقال أيضاً - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من مائة صلاة في غيره من المساجد وصلاة [١٩٧ ب / ٢٢] في المسجد الحرام أفضل من ألف صلاة في مسجدي هذا، وأفضل من ذلك كله رجل يصلي في بيته ركعتين لا يعلمهما إلا الله تعالى".
ومن أصحابنا من قال: إنها في البيت أولى من دون الشرائط التي ذكرناها. وحكي عن مالك أنه قال: "قيام رمضان في البيت لمن نوى أحب إلي". قال مالك: وكان ربيعة وغير واحدٍ من علمائنا ينصرفون ولا يقومون مع الناس.
وروي عن أبي يوسف أنه قال: "من قدر أن يصلي في بيته كما يصلي مع الإمام في رمضان، فأحب إلي أن يصلي في بيته".
مسألة: قال: ورأيتهم بالمدينة يقومون بتسع وثلاثين وأحب إلي عشرون".
وهذا كما قال: صلاة التراويح خمس ترويحات، كل ترويحة أربع ركعات بتسليمتين، فذلك عشرون ركعة بعشر تسليمات، وبه قال أبو حنيفة وأحمد رحمهما الله تعالى.
وروي عن أحمد أنه قال: "هي ست ثلاثون ركعة لفعل أهل المدينة".
وروي هذا عن مالك، وهذا غلط، لأنه روى ابن عمر رضي الله عنهما: لما اجتمع الناس على أبي بن كعب صلى بهم عشرون ركعة، وهذا إجماع منهم، وكذلك يفعلون بمكة. وأما أهل المدينة، قال الشافعي رحمه الله: "إنما صلوا تسعاً وثلاثين ركعة، لأن