للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في جميع الحقوق يمين يمين وفي الدماء خمسون يمينًا. وقال في كتاب العمد ولو ادعى أنه قتل خطأ فالدية عليه في ثلاث سنين بعد أن يحلف ما قتله إلا خطأ فإن نكل حلف المدعى لقتله عمدًا وكان له القود. قال المزني: هذا القياس على أقاويله في الطلاق، والعتاق وغيرهما في النكول ورد اليمين".

قال في الحاوي: الدعاوي ضربان في دم وغير دم، فأما الدعاوي في غير الدماء فلا تغلظ بغير الزمان والمكان فلا يبدأ فيها بيمين المدعى ولا تكرر فيها الأيمان ولا يستحق فيها إلا يمين واحدة سواء كان مع الدعوى لوث أو لم يكن، لقصور ما سوى الدماء عن تغليظ الدماء. وأما الدعاوي في الدماء، فضربان: في نفس، وطرف، فأما في النفوس فضربان:

أحدهما: أن يقترن بالدعوى لوث فتغلظ غي حكمين:

أحدهما: تبدئة المدعي وتقديمه على المدعى عليه وهذا يستوفي فيه حكم كل ممن كلمت له دينه أو نقصت.

والثاني: تغليظ الأيمان بخمسين يمينًا وهذا معتبر بحال المقتول فإن كملت فيه الدية بان يكون رجلًا حرًا مسلمًا كمل فيه تغيظ الإيمان بخمسين يمينًا، وإن لم تكمل الدية، بأن كان امرأة وجبت فيها نصف الدية، وكان ذميًا وجب فيه ثلث الدية، ففيه وجهان:

أحدهما: تسقط الأيمان على كمال الدية فتغلظ في قتل المرأة بخمسة وعشرين يمينًا، وفي قتل الذمي بسبعة عشر يمينًا ليقع الفرق في التغليظ بين حكم القليل والكثير اعتبارًا بالدية.

والثاني: وهو أصح أنها تغلظ في كل قتيل بخمسين يمينًا من قلت ديته وكثرت حتى في دية الجنين، لأنه لما استوي التغليظ بالكفارة في قتل جميعهم كذلك في الغليظ بأيمان القسامة فإذا تقرر أن المدعى يحلف خمسين يمينًا لم يخل أن يكون واحدًا أو جماعة فإن كان واحد حلف جميعها ووالي بينهما ولم يفرقها، لأنها في الموالاة أغلظ وأزجر فإن حلف أكثرها ونكل عن أقلها ولو بيمين واجدة ولم يستحق بما تقدم من أيمانه شيئًا من الدية لتعلق الحكم بجميعها، وإن كانوا جماعة ففي أيمانهم قولان:

أحدهما: يحلف كل واحد منهم خمسين يمينًا يستوي فيها من قل سهمه الدية وكثر، لأن تكرار الأيمان موضوع للتغليظ والزجر، وليس يزجر الواحد منهم إلا بأيمان نفسه، فوجب أن يستوفي حقه، فعلى هذا إن أقسموا جميعًا، قضى لهم بجميع الدية واقتسموا على قدر مواريثهم، فإن حلف بعضهم ونكل البعض قضى للحالف بحقه من الدية دون الناكل.

والثاني: وهو الأصح أن الأيمان مقسومة بينهم على قدر مواريثهم بجبر الكسر، فإن كانوا زوجه وابنًا وبنتًا وحلفت الزوجة سبعة أيمان والابن ثلاثين يمينًا والبنت خمس عشرة يمينًا ثم على قياسه لأن التغليظ بعدد الأيمان يختص بالدعوى وهم فيها مشتركون فوجب

<<  <  ج: ص:  >  >>