أن يكونوا في تغليظ أيمانها مشتركين. فعلى هذا إن حلفوا قضى لهم بجميع الدية، وإن حلف بعضهم ونكل بعضهم لم يحكم للحالف بحقه من الدية إلا بعد استكمال خمسين يمينًا، فإن طلب طالب الناكل لم يستحق شيئًا بيمين غيره وإن استوفى الحاكم جميع الأيمان، حتى يحلف عدد أيمانه التي تلزمه بقدر حقه.
فإن نكل جميعًا عن الأيمان، ردت على المدعى عليه، فإن كان واحدًا حلف خمسين يمينًا، لأن الأيمان لما غلظت في جنبة المدعى عليه، فأن كان واحدًا حلف خمسين يمينًا، لأن الأيمان لما غلظت في جنبة المدعي، وجب أن تغلظ في نقلها إلى المدعى عليه، لتتكافأ الجنبتان في الغليظ، فإن المدعى عليهم جماعة ففي إيمانهم قولان:
أحدهما: وهو الناصح هاهنا أن كل واحد منهم يحلف خمسين يمينًا والأصح المدعين أن تسقط بينهم، لأن كل واحد من المدعى عليهم كالمنفرد في وجوب القود والتزام الكفارة، فكان كالتفرد في عدد الأيمان، وخالف المدعين لأن الواحد من الجماعة لا يساوي المنفرد فيها فافترق.
والثاني: أن الأيمان مقسطة بينهم على أعدادهم يجبر الكسر يستوي فيه الرجل والمرأة بخلاف أيمان المدعين، لأن المدعين يتفاضلون في ميراث الدية فيفاضلوا في الأيمان والمدعى عليهم يستوون في التزام الدية فيساووا في الأيمان، والله أعلم.
فصل:
فإن حلفوا برئوا من القتل فلم يلزمهم قود ولا دية. وقال أبو حنيفة: إذا حلفوا غرموا الديةـ احتجاجًا برواية زياد بن أبي مريم أن جده أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أخي قتل بين قريتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحلف خمسون رجلًا، فقال: ما لي من أخي غير هذا قال: نعم ولم مائة من الإبل فجمع له بين الأيمان والدية.
ولما روى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أحلفهم خمسين يمينًا ما قتلناه، ولا عرفناه قاتله وأغرمهم الدية.
قال: ولأن حكم القسامة مخالف لأثر الدعوى، فصارت الأيمان في القسامة موضوعه للإيجاب وغيرها من الدعاوي موضوعه للإبراء والإسقاط.
ودليلنا قول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار فيبرئكم يهود بخمسين يمينًا فاقتضى أن يبرؤوا بأيمانهم، ولأن اليمين توجب تحقيق ما حلف عليه وإثبات حكمه، فلما كانت يمينه موضوعه لنفي القتل، وجب أن ينتفي عنه حكم القتل كما كانت يمينه في سائر الدعوى موضوعه لنفي الدعوى فسقط عنه حكمها وفي هذا انفصال عن الاستدلال وقد تقدم الجواب عن الخبر والأثر.
فصل:
وإن نكل المدعى عن الإيمان أغرموا الدية ولم يحسبوا. وقال أبو حنيفة: