بالقصاص, لأنه لا يدري مستحقة في يمنى أو يسرى وحكم له بالدية لاستوائها في اليمنى واليسرى ثم على هذا القياس فيما سواه والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه:"ولو شهدا على رجلين أنهما قتلاه وشهدا لآخران على الشاهدين الأولين أنهما قتلاه وكانت شهادتهما في مقاٍم واحٍد فإن صدقهما ولي الدم معًا أبطلت الشهادة وإن صدق اللذين شهدا أولا قبلت شهادتهما وجعلت الآخرين دافعين بشهادتهما وإن صدق اللذين شهدا أخرا أبطلت شهادتهما لأنهما يدفعان بشهادتهما ما شهد به عليهما".
قال في الحاوي: وهذه المسألة مصورة في سماع الشهادة على القتل قبل دعوى الولي, وقد اختلف أصحابنا في كيفية سماعها قبل الدعوى على ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها تسمع قبل الدعوى, إذا كان الولي طفلًا, أو غائبًا, ولا يجوز سماعها إذا كان بالغًا, حاضرًا.
والثاني: أنها تسمع قبل الدعوى, إذا لم يعرف الولي شهوده ولا تسمع إذا عرفهم بعد الدعوى.
والثالث: وهو قول أبي إسحاق المروزي وأبي علي بن أبي هريرة والجمهور أنها تسمع قبل الدعوى في الدماء خاصة, ولا تسمع في غير الدماء, إلا بعد الدعوى والفرق بينهما من وجهين:
أحدهما: لتغليظ الدماء على غيرها من الحقوق.
والثاني: أنها من حقوق المقتول يقضي منها ديونه, وتنفذ منها وصاياه فجاز للحاكم أن ينوب عنه في سماع الشهادة قبل دعوى أوليائه ويجيء على هذا التعليل أن يسمعها في ديون الميت, ولا يسمعها في ديون الحي, وعلى التعليل الأول لا يسمعها في ديون حي, ولا ميت وعلى هذا الترتيب يتأول, اختلاف الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"خير الشهداء من شهد قبل أن يستشهد",إنها محمولة على ما يشهد فيه قبل سماع الدعوى.
وما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"شر الشهداء من شهد قبل أن يستشهد" محمول على ما لا يشهد فيه إلا بعد سماع الدعوى.
فصل:
فإذا تقرر ما ذكرنا فصورة مسألتنا في شاهدين شهدا على رجلين أنهما قتلا زيدًا, وشهد الرجلان المشهود عليهما أن الشاهدين الأولين هما اللذان قتلا زيدًا, فللولي حالتان: