أحدهما: أن تصح منه الدعوى.
والثاني: أن لا تصح منه, فإن صحت منه الدعوى لبلوغه وعقله, سأله الحاكم عما يدعيعه من القتل على من يعينه من الأربعة وهو في ذلك على ثلاثة أقسام:
أحدهما: أن يدعيه على الآخرين الذين شهد عليهما الأولان فتكون شهادة الأولين عليهما ماضية ويحكم للولي على الآخرين بالقتل لسلامة الأولين عند شهادتهما وتهمة الآخرين في الشهادة بالرفع عن أنفسهما وهل يلزم الحاكم أن يستعيد الشهادة بعد الدعوى أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: لا يستعيدها, ويحكم بما تقدم من شهادتهما, لأنه لا يستعيد بها زيادة علم.
والثاني: يلزمه استعادتهما, ولا يجوز له أن يحكم بما تقدم منها لأنه لا يجوز أن يكون الحكم سابقًا للدعوى.
والقسم الثاني: أن يدعو الولي قتله على الأولين دون الآخرين, فشهادتهما على الأولين باطلة, لأنهما قد صارا عدوين لهما, ومتهمين في شهادتهما.
والقسم الثالث: أن يدعه قتله على جماعتهم فتبطل الشهادتان لإكذابه لهما, وإقراره بفسقهما, وإن كان الولي ممن لا تصح منه الدعوى لصغره, أو جنونه, فقد اختلف أصحابنا هل يقضي الحاكم بموجب الشهادة أو يوقفها على بلوغ الولي وعقله؟ على وجهين:
أحدهما: وهو قول أبي إسحاق المروزي يقضي بموجب الشهادة ويقضي على الآخرين بالقتل بشهادة الأولين.
والثاني: أنه يقف الشهادة, ولا يبت الحكم فيها حتى يبلغ, ويفيق المجنون, ثم يرجع إليه ويعمل على ما بينه وادعاه من الأقسام الثلاثة, لتردد الشهادة بين إيجاب وإسقاطه فلم يحكم بأحدهما مع احتمالهما فأما إذا اتفقت شهادة بعض ولم يتقدم إحداهما على الأخرى فكلتا الشهادتين باطلة لا يحكم بواحدة منهما ولا يرجع فيهما إلي دعوى الولي, لتعارض الشهادتين في التدافع بهما, والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه:"ولو شهدا أحدهما على إقراره أنه قتله عمدًا والآخر على إقراره ولم يقل خطأ ولا عمدًا جعلته قاتلًا والقول قوله فإن قال عمدًا فعليه القصاص وإن قال خطأ أحلف ما قتله عمدًا وكانت الدية في ماله في مضى ثلاث سنين".