قال الشافعي رضي الله عنه:"ولو شهد أحدهما أنه قتله والآخر أنه أقر بقتله لم تجز شهادتهما لأن الإقرار مخالٌف للفعل".
قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا أقام ولي الدم شاهدان، شهد أحدهما على فعل القتل، فقال: رأيته قتله، وشهد الآخر على الإقرار بالقتل، قال: أقر عندي أنه قتله لم تتعارض شهادتهما، لأنها غير متنافية ولم تتم الشهادة منهما، لأنها غير متماثلة، لأن فعل القتل، غير الإقرار بالقتل، ولم تكن تكمل الشهادة على الفعل ولا على الإقرار، فلم يجز أن يحكم عليه بواحد منها، لكن يكون هذا لوثًا يوجب القسامة قولًا واحدًا، لأن كل واحدة من الشهادتين مقوبة للأخرى غير منافية لها، وإذا كان كذلك لم يخل حال القتل من أن يكون عمدًا أو خطأ، فإن كان خطأ لم يحتج فيه إلي القسامة، لأنه قد تتم البينة فيه بشاهد ويمين فيقال لولي الدم أحلف مع أي الشاهدين شئت يمينًا واحدة تكمل بها ببينتك ويقضي لك فيها بدية الخطأ.
وينظر فإن حلف مع الشاهد على فعل القتل كانت الدية على عاقلته وإن حلف مع الشاهد على إقراره بالقتل كانت الدية في ماله وإن كان عمدًا فعلى ضربين:
أحدهما: أن يكون غير موجب للقود كقتل الأب لابنه والمسلم لكافر فهو مختص بوجوب الدية ويصير كالخطأ في أن لا يحكم فيه القسامة لوجود البينة مع يمين الولي مع أي الشاهدين يمينًا واحدة ويحكم له بدية العمد في ماله، سواء حلف مع شاهد الفعل أو مع شاهد الإقرار.
والثاني: من العمد أن يكون موجبًا للقود فيجب الحكم فيه بالقسامة دون الشهادة لأن الشهادة تصير لوثًا فيحلف الولي أيمان القسامة خمسين يمينًا ويحكم له بالقود على قوله في القديم وبدية العمد حالة على قوله في الجديد والله تعالى أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه:"ولو شهد أنه ضربه ملففًا فقطعه باثنين ولم يبينا انه كان حيًأ لم أجعله قاتلًا وأحلفته ما ضربه حيًا".
قال في الحاوي: أما شهادة الشاهدان بالقتل فغير مفتقرة إلي ثبات الحياة عند القتل، لأن القتل هو إماتة الحياة فدلت على وجود الحياة عند القتل فأما إذا شهد أنه قطع ملفوفًا في ثوب باثنين فهذه شهادة محتملة لأنه قد يجوز أن يكون عند القطع حيًا، ويجوز أن يكون ميتًا، فيسأل الشاهدان لأجل هذا الاحتمال عن حال الملفوف، ولهما فيه ثلاثة أحوال: