فلا سبيل (إلى) القود وإن لم تجز شهادته وأحلف المشهود عليه ما عفا المال ويأخذ حصته من الدية وإن كان ممن تجوز شهادته حلف القاتل مع شهادته لقد عفا عنه القصاص والمال وبرئ من حصته من الدية".
قال في الحاوي: وصورتها من قتل عمد ترك ابنين شهدا أحدهما على أخيه بالعفو فلا تخلو شهادته عليه، من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يشهد عليه بعفوه عن القود وحده، فيسقط القود بهذه الشهادة في حق الشاهد والمشهود عليه بحكم الإقرار، لا بحكم الشهادة، ويستوفي فيها من تجوز شهادته ومن لا تجوز، لأن الشاهد على أخيه بالعفو مقر لسقوط القود في حق نفسه، لأنه القود لا يتبعض، وعوف أحد الأولياء عنه موجب لسقوطه في حقوق جميعهم، وإذا سقط في حق الشاهد، سقط في حق المشهود عليه، ولا يمين على القاتل في إثبات العفو ولا على المشهود عليه في نفيه لسقوط القود بمجرد الإقرار وقضى لهما بدية العمد على سواه.
والقسم الثاني: أن يشهد عليه بعفوه عن الدية دون القود فينظر حال الشاهد، فإن كان ممن لا تجوز شهادته بجرحه رد قوله، ولم يحكم به في شهادة ولا إقرار؛ لأن المجروح لا يشهد والإقرار لا يؤثر، وكان المشهود عليه على حقه من القود والدية.
وإن كان الشاهد ممن تجوز شهادته لعدالته لم تؤثر بشهادته في القود، لأنه ما شهد بالعفو عنه، وكان أخوه على حقه منه وهل تكون شهادته مؤثر في العفو عن الدية أم لا؟ على وجهين مخرجين من اختلاف قوليه في قتل العمد والذي يجب به على قولين:
أحدهما: أنه موجب لأحد أمرين من القود، أو الدية، فعلى هذا تؤثر شهادة الأخ في العفو عن الدية، إذا حلف معه القاتل لقد عفا عن الدية لأن الإبراء من الدية قبل استحقاقها، ويكون الأخ المشهود عليه مخيرًا بين القود والعفو عنه لا اختيار الدية.
والقسم الثالث: أن يشهد عليه بعفوه عن القود والدية معًا، فالقود قد سقط بكل حال، سواء كان الشاهد ممن تجوز شهادته أو لا تجوز لما بيناه من قبل، فأما الدية فهي معتبرة بحال الشاهد، فإن كان ممن لا تجوز شهادته كانت شهادته مردودة، وحلف المشهود عليه ما عفا عن الدية ولا يحتاج أن يذكر في يمينه وما عفا عن القود، ولا يختلف أصحابنا فيه، لأن يمينه موضوعة لإثبات ما يستحقه وهو يستحق الدية دون القود، وإن كان الشاهد ممن تجوز شهادته أبرأت شهادته قولًا واحدًا، إذا حلف معها القاتل على العفو، وكانت بينة تامة في الإبراء. وفي صفة يمين القاتل هاهنا مع شاهده وجهان:
أحدهما: ذكره الشافعي رضي الله عنه في كتاب الأم، وقاله أبو إسحاق المروزي