والرابع: ما روى سعيد بن جبير أن رجلًا سأل ابن عباس: كم الكبائر؟ أسبع هي؟ قال: هي إلي سبعمائة أقرب منها إلي سبع، لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إصرار. فكان يرى كبائر الإثم ما لم يستغفر الله عنه إلا بالتوبة.
وأما الفواحش ففيها قولان:
أحدهما: أنها الزنا.
والثاني: أنها جميع المعاصي.
وأما اللم ففيه أربعة أقاويل:
أحدها: أن يعزم على المعصية ثم يرجع عنها قد روى عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس أني النبي صلى الله عليه وسلم قالك"إن تغفر اللهم تغفر جمًا وأي عبد لك إلا ألمًا".
والثاني: أن يلم بالمعصية يفعلها ثم يتوب عنها، قاله الحسن ومجاهد.
والثالث: أن اللمم ما لم يجب عليه حد في الدنيا، ولم يستحق عليه في الآخرة عقاب. قاله مجاهد.
والرابع: أن اللمم ما دون الوطء من القبلة والغمزة، والنظرة والمضاجعة. قاله ابن مسعود.
وروى طاوس عن ابن عباس قال: ما رأيت أشبه باللمم من قول أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم: "كتب الله على كل نفس حظها من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، واللسان النطق، هي النفس تمني وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه".
والثالثة: ظهور المروءة. وهي على ثلاثة أضرب:
ضرب يكون شرطًا في العدالة. وضرب لا يكون شرطًا فيها. وضرب مختلف فيه. وأما ما يكون شرطًا فيها فهو: مجانبة ما سخف من الكلام المؤذي أو المضحك وترك ما قبح من الضحك الذي يلهو به. أو يستقبح لمعرفته أو أدائه، فمجانبة ذلك من المروءة التي هي شرط في العدالة وارتكابها مفض إلي الفسق.
ولذلك نتف اللحية من السفه الذي ترد به الشهادة، وكذلك خضاب اللحية من السفه التي ترد به الشهادة، لما فيها من تغيير خلق الله تعالى.
فأما ما لا يكون شرطًا فيها فهو الإفضال بالمال والطعام والمساعدة بالنفس والجاه، فهذا من المروءة وليش بشرط في العدالة.
فأما المختلف فيه فضربان: عادات، وصنائع.
فأما العادات فهو أن يقتدي فيها بأهل الصيانة دون أهل البذلة، في ملبسه ومأكله وتصرفه.