موجبًا للتهمة في رد الشهادة، لأن الاجتماع في المقام والظعن لا يوجب رد الشهادة كالأصحاب؛ لأن الاجتماع في المودة والرحمة لا توجبها كالأصدقاء، والامتزاج في الضيق والسعة لا توجبها كالخلع. وأما ابن أبي ليلى فيقال له: ينتفع الزوج بيسار زوجته في وجوب نفقة ابنه عليها إذا أعسر بها ولا يوجب بذلك رد شهادته لها، كذلك انتفاعها بيساره فيما يجب لها من نفقة الموسرين لا يوجب رد شهادتها له والله أعلم
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ولا أرد شهادة الرجل من أهل الأهواء إذا كان لا يرى أن يشهد لموافقه بتصديقه، وقبول يمينه، وشهادة من يرى كذبه شركًا بالله ومعصية تجب بها النار أولى أن تطيب النفس بقبولها من شهادة من يخفف المأثم فيها، وكل من تأول حراما عندنا فيه حد أو لا حد فيه، لم نرد بذلك شهادته، ألا ترى أن ممن حمل عنه الدين وجعل علما في البلدان منهم من يستحل المتعة والدينار بالدينارين نقدا، وهذا عندنا وغيرنا حرام، وأن منهم من استحل سفك الدماء، ولا شيء أعظم منه بعد الشرك، ومنهم من تأول، فاستحل كل مسكر غير الخمر، وعاب على من حرمه، ولا نعلم أحدا من سلف هذه الأمة يقتدى به، ولا من التابعين بعدهم رد شهادة أحد بتأويل وإن خطأه وضلله.
قال في الحاوي: وهذا فصل قد اختلط كلام أصحابنا فيه ممن تفرد بالفقه دون أصوله، فوجب أن تقرر قاعدته ليعلم بها قول المختلفين، وما يوجبه اختلافهم فيه من تعديل وتفسيق وتكفير.
فنقول: من تدين بمعتقد من جميع الناس - صنفان:
صنف ينطلق عليهم اسم الإسلام. وصنف لا ينطلق عليهم اسمه.
فأما من لا ينطلق عليهم اسم الإسلام، فهو من كذب الرسول {صلى الله عليه وسلم} ولم يتبعه. فخرج بالتكذيب وبترك الإتباع من ملته، فهؤلاء كلهم ينطلق عليهم اسم الكفر، وسواء من رجع منهم إلى ملة كاليهود، والنصارى أو لم يرجع إلى ملة كعبدة الأوثان وما عظم من شمس ونار، وجميعهم في التكفير في رد الشهادة سواء.
وإن فرق أبو حنيفة بين أهل الملل وغيرهم، فأجاز شهادة أهل الملل بعضهم لبعض ورد شهادة غيرهم.
وأما من ينطلق عليهم اسم الإسلام، فهو من صدق الرسول {صلى الله عليه وسلم} واتبعه، فصار بتصديقه على النبوة من جملة أمته وبصلاته إلى القبلة داخلًا في ملته، فخرجوا بانطلاق