والرابع: الرواة قاله ابن عباس.
وفي قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} ثلاث تأويلات:
وفي قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} ثلاث تأويلات:
أحدها: في كل فن من الكلام يأخذون. قال ابن عباس.
والثاني: في كل لغو يخوضون قاله فطرب.
والثالث: أن يمدح قوماً بباطل ويذم قوماً بباطل. قال قتادة: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ} يعني من كذب في مدح أو هجاء.
فلما نزل هذه الآية حضر عبد الله بن رواحه وكعب بن مالك وحسان بن ثابت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكوا وقالوا: هلكنا يا رسول الله فأنزل الله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} فقرأها عليهم وقال: هم أنتم {وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً} فيها وجهان:
أحدهما: في شعرهم
والثاني: في كلامهم.
{وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} أي ردوا على المشركين ما هجوا به المسلمين فدلت الآية على أن المذموم من الشعر ما فيه من هجوا: والهجوا في الكلام مذموم فكيف في الشعر، ولأن الشعر يحفظه فينشر ويبقى على الإعصار والدهور.
وأما قوله صلى الله عليه سلم: " لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً حتى يريه خير من أن يمتلئ شعراً" ففيه وجهان:
أحدهما: ما كان من الشعر كذبا وفحشاً وهجاء
والثاني: أن ينقطع إليه ويتشاغل عن القرآن وعلوم الدين.
فصل
فإذا تقرر أن الشعر في حكم الكلام لا يخرجه نظمه عن إباحته وحظره فهو على ثلاثة أضرب مستحي ومباح ومحظور. فأما المستحب فنوعان:
أحدهما: ما حذر من الآخرة أنشده فيه بعض أهل العلم لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه:
فلو كنا إذا متنا تركنا لكان الموت راحة كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا ونسأل بعده عن كل شي
وأنشد للحسين بن علي رضي الله عنهما:
الموت خير من ركوب العار والعار خير من دخول النار