للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن الشهادة في الجراح أغلظ منها في الأموال فلما قبلت شهادة البدوي على القروي في الجراح كان أولى أن تقبل في غير الجراح. وتحريره قياساً أن من قبلت شهادته في الجراح قبلت في غير الجراح كالقروي.

ولأن أهل البادية أسلم فطرة وأقل حياء، فكان الصدق فيهم أغلب فاقتضى أن يكونوا بقبول الشهادة أجدر.

وأما الجواب عن الخبر فرواية علي بن مسهر، وهو ضعيف وإن صح فهو محمول على أحد وجهين:

وإما على الجهل بعدالته إخفاء أحوال أهل البادية، وإما علي بدوي بعينه علم جرحه.

وأما الجواب عن اعتبار العرف في الإشهاد فهو فاسد بأهل الأمصار والقرى فإن العرف جار بأن أهل القرى يشهدون أهل الأمصار ولا يشهد أهل الأمصار أهل القرى وهذا العرف غير معتبر وكذلك في البادية والحاضرة والله أعلم.

مسألة

قال الشافعي رضي الله عنه: " وإذا شهد صبي أو عبد أو نصراني بشهادة فلا يسمعها واستماعه لها تكلف وإن بلغ الصبي وأعتق العبد وأسلم النصراني ثم شهدوا بها بعينها قبلتها فأما البالغ المسلم أرد شهادته في الشيء ثم يحسن حاله فيشهد بها فلا أقبلها لأنا حكمنا بإبطالنا وجرحه فيه لأنه من الشرط أن لا يختبر عمله"

قال في الحاوي: وهذا المسألة تشتمل على فصلين: مشتبهين في الصورة مختلفين في الحكم.

فأحدهما: أن يشهد صبي قبل بلوغه، أو عبد قبل عتقه أو نصراني قبل إسلامه بشهادة فيردهم الحاكم فيها ثم يبلغ الصبي ويعتق العبد ويسلم النصراني، فيشهدوا بتلك الشهادة التي ردوا عند ذلك الحاكم أو عند غيره قبلت بعد تقدم الرد.

وقال مالك: لا أقبلها بعد ردها.

والفصل الثاني: ترد شهادة الفاسق ويشهد بها بعد زوال الفسق.

أن يشهد بالغ حر مسلم بشهادة فيردها الحاكم بالفسق، ثم تحسن حاله ويصير عدلاً فيشهد بتلك عند ذلك الحاكم أو عند غيره ردت ولم تقبل: وقال أبو ثور وأبو إبراهيم المزني: تقبل ولا ترد.

فسوى مالك بين الفصلين في الرد وسوى أبو ثور والمزني بينهما في القبول.

ومذهب الشافعي أنها تقبل إذا ردت بالصغر والرق والكفر ولا تقبل إذا ردت بالفسق

<<  <  ج: ص:  >  >>