مسألة
قال الشافعي رضي الله عنه: " وإذا سمع الرجلان الرجل يقول أشهد أن لفلان على فلان ألف درهم ولم يقل لهما أشهدا على شهادتي فليس لهما أن يشهدا بها ولا للحاكم أن يقبلها لأنه يسترعيها إياها وقد يمكن أن يقول له على فلان ألف درهم وعده بها وإذا استرعاها إياها لم يفعل إلا وهي عنده واجبة"
قال في الحاوي: هذا مما قد مضى فيه الفصول الأربعة لأن الشهادة على الشهادة تكون من أحد ثلاثة أوجه
أحدها: أن يذكر شاهد الأصل في شهادته السبب الموجب للحق أن لفلان على فلان ألف درهم من ثمن بيع أو أجرة أرض أو قرض فيصبح أن يتحمله شاهد الأصل من غير استرعاء، وفيه لبعض البصريين وجه آخر أنه لا يصح التحمل إلا بالاسترعاء.
والثاني: أن يشهد الأصل عند الحاكم بالحق فإذا سمعه شاهد الفرع صح تحمله وإن لم يسترعه.
والثالث: أن يشهد شاهد الأصل عند شاهدي الفرع، أو سماعهما من غير قصد الشهادة يقولان: " نشهد أن لفلان على فلان ألف درهم" ولم يذكرا سبب وجوبها لم يصح تحمل شاهدي الفرع إلا بالاسترعاء، لأنه يحتمل أن تكون عليه ألف درهم وعده بها، فإذا استرعاهما إياها لم يفعل إلا وهي واجبة. وهذا صحيح، لأن الاسترعاء وثيقة، والوثائق تستهل في الواجبات، فصار الاحتمال بالاسترعاء منتفياً.
فأما تحمل الإقرار ففي اعتبار الاسترعاء ما قدمناه من الوجهين:
أحدهما: يعتبر فيه كما يعتبر في تحمل الشهادة على الشهادة لما فيها من الاحتمال.
والثاني: لا يعتبر الاسترعاء في الإقرار وإن كان معتبرا في الشهادة لأن الإقرار أوكد من الشهادة ولذلك لو رجع المقر لم يقبل رجوعه ولو رجع الشاهد قبل رجوعه
فصل
فإذا كان الاسترعاء في الإقرار معتبرا فقال الشاهد للمقر: " أشهد عليك بذلك"؟
فقال: نعم كان هذا استرعاء صحيحاً ولو قال: أشهد فقد اختلف أصحابنا في صحة الاسترعاء بذلك على ثلاثة أوجه:
أحدهما: أن قوله" أشهد" استرعاء صحيح كقوله: "نعم" بل هو أكد لما فيه من لفظ الأمر.
والثاني: أن لا يكون قوله " أشهد" استرعاء لما فيه من الاحتمال أن يشهد بها على