وعلى الظاهر من مذهب الشافعي رضي الله عنه أنها معتبرة بلحاق المشقة في عوده، لأن دخول المشقة على الشاهد يسقط عنه فرض الأداء.
الرابع: أن يسمى شاهد الأصل في أدائه بما يعرف به فإن أغفل ذكره لم يصح أداؤه لأنه فرعه وقد يكون الأصل غير مرضي فتكون الشهادة مردودة وإن كان الفرع مرضياً فقبولها معتبر بعدالة الأصل والفرع، وإن قال شاهد الفرع: " أشهدني شاهد على رضي" لم تقبل شهادته حتى يسميه لأن تزكية الشهود إلى الحاكم دون غيره.
والخامس: أن يؤدي الشهادة على الصفة التي تحملها، فإن كان قد تحمل عن شاهد الأصل لذكره لسبب وجوب الحق من بيع أو قرض، ذكره في أدائه عنه. فقال: " أشهد أن فلان ابن فلان الشاهد أشهدن على شهادته وعن شهادته أن فلان ابن فلان أقر عنده وأشهد على نفسه أن عله لفلان ابن فلان ألف درهم" فتصح الشهادة بهذا الأداء
فإن قال: " أشهدني على شهادته" ولم يقل: " وعن شهادته" ففي صحة أدائه وجهان تعليلاً بما قدمناه.
وهذا أصح ما قيل في أداء الشهادة على الشهادة.
فإن قال شاهد الفرع: أشهد عن فلان ابن فلان الشاهد جاز.
ولو قال: " أشهد عليه" لم يجز لأن الحق على المقر لا على الشاهد.
والفصل الرابع: من يصح أن يكون مؤديا للشهادة على الشهادة.
مذهب الشافعي أنهم الرجال دون النشاء سواء كانت شهادة الأصل مما تقبل فيها النساء أو لا تقبل
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: تقبل شهادة النساء في الفروع إذا قبلت شهادتهن في الأصل، لأن حكم الفرع يعتبر بالأصل.
وهذا فاسد، لأن المقصود بشهادة الفرع إثبات شهادة الأصل والمقصود بشهادة الأصل إثبات الحق، فصارت صفة الحق معتبرة في شهادة الأصل وصفته غير معتبرة في شهادة الفرع، وإذا سقط اعتبار الحق سقطت شهادة النساء.
فإن كانت شهادة الأصل مما يحكم فيه بالشاهد واليمين، فيحملها في الفرع شاهد واحد وأراد صاحب الحق أن يحلف مع الشاهد الواحد، كما كان له أن يحلف مع الشاهد الواحد في الأصل لم يجز، لأن شهادة الأصل لا تثبت بشاهد ويمين وإن جاز أن يقنت الحق بشاهد ويمين.
فإن شهد شاهدان في الفرع عن شاهد واحد في الأصل، وأراد صاحب الحق أن يحلف معها جاز، لأنه قد ثبت بهما شهادة الواحد فجاز أن يحلف معه، لأنه له أن يحلف مع الشاهد الواحد، لأن يمينه لإثبات وليست لإثبات الشهادة، والله أعلم.