فأما قوله: " فأشهد على شهادتي" استرعاء لا يصح التحمل إلا به.
"فلو قال فأشهد أنت بها" لم يكن استرعاء حتى يقول: " فأشهد على شهادتي نص عليه الشافعي.
وأما قوله: " وعن شهادتي" فهو إذن له في النيابة عنه في الأداء
واختلف أصحابنا هل هو شرط في صحة التحمل ومعتبر في جواز الأداء أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: أنه شرط معتبر في صحة التحمل والأداء لأن شاهد الفرع نائب عن شاهد الأصل في الأداء فاعتبر فيه الإذن بالنيابة كالوكيل والوصي، وهذا قول البصريين.
والثاني: يصح التحمل والأداء مع تركه لأن الشهادة على شهادته ليست من حقوقه فلم يعتبر إذنه، وهذا قول البغداديين.
فصل
وأما صحة الأداء فمعتبرة بشاهد الأصل وصحة أدائه معتبرة بخمسة شروط:
أحدها: أن يصح تحمله على الشروط المعتبرة فيه فإذا أخل بشرط منها لم يصح أداؤه
والثاني: أن يكون مقيماً على شهادته غير راجع عنها، فإن رجع عنها قبل الأداء لم يصح أداؤه، ولو رجع بعد الأداء وقبل الحكم بطل الأداء ولو رجع بعد الحكم بالأداء لم يبطل الحكم برجوعه.
والثالث: أن يكون شاهد الأصل غير قادر على أداء الشهادة إما لغيبة أزمانه أو موت، فإن كان قادرا على أداء الشهادة لم يكن لشاهد الفرع أن يؤديها عنه، لأن الأصل أقوى من الفرع وإذا وجدت القوة في الشهادة لم يجز إسقاطها وخالفت الوكالة في جوازها عن الحاضر لأن الحاضر قد يضعف عن استيفاء حجته كالغائب
وخالفت الخبر في جواز قبولها من المخبر مع وجود المخبر عنه لأن الخبر يلزم المخبر والمستخبر والشهادة تلزم المشهود عليه دون الشاهد.
فلو شهد شاهد الفرع لغيبة شاهد الأصل أو مرضه ثم قدم شاهد الأصل من سفره أو صح مت مرضه نظر:
فإن كان بعد نفوذ الحكم بشهادة الفرع لم تسمع شهادة الأصل.
وإن كان بعد نفوذ الحكم بها سمعت شهادة الأصل ولم ينفذ الحكم بشهادة الفرع
فإما الغيبة التي تجوز معها شهادة الفرع، فقد اعتبرها أبو حنيفة بمدة القصر وهي مسافة ثلاثة أيام عنده
وأعتبرها أبو يوسف بأن يكون أذا رجع إليها في أول النهار لم يقدر على العود منها قبل الليل إلى وطنه.