مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: " وإن شهدا على شهادة رجل ولم يعدلاه قبلهما وسأل عنه فإن عدل قضى به"
قال في الحاوي: وهو كما قال: إذا شهد شاهد الفرع عند الحاكم على الشهادة شاهد الأصل لم يخل حالهما من أربعة أقسام:
أحدهما: أن يسمياه ويعدلاه فيحكم بشهادتهما عليه بما تحملاه عنه وبتعديلهما له.
وقال مالك: لا أحكم بشهادتهما في تعديله لأنهما متهمان فيه لما يتضمنهما من إمضاء الحكم بشهادتهما حتى يشهد غيرهما بعدالته، فإن لم يشهد غيرهما كان الحكم بشهادتهما مردوداً.
وهذا فاسد من وجهين:
أحدهما: أن عدالتهما تنفي عنها هذه التهمة.
والثاني: أنه لو كانت هذه التهمة في إمضاء شهادتهما عنه يوجب رد شهادتهما بعدالته ولوجب لأجلها رد جميع شهادتهما. لأن الشاهد إنما يشهد لإمضاء الحكم بشهادته وهذا مدفوع بالإجماع فكان ذلك مدفوعاً بالحجاج.
والقسم الثاني: أن لا يسمياه ولا يعدلاه.
فلا يصح هذا الأداء ولا يحكم بهذه الشهادة لأن الحكم بها معتبر بعدالة شهود الفرع وشهود الأصل ولا يعرف عدالة من لم يسم.
ويجوز على قياس قول أبي حنيفة في قبول الخبر المرسل أن تقبل هذه الشهادة فإن التزم جرى على القياس وإن خالف فيه ناقض.
ونحن نجري على القياس في ردهما.
والقسم الثالث: أن يسمياه ولا يعدلاه.
فيسمع الحاكم شهادتهما ويكشف عن عدالة شاهد الأصل من غيرهما.
وحكي عن عبيد الله بن عباس العنبري وسفيان الثوري وأبي يوسف أن الحاكم لا يسمع هذه الشهادة حتى يعدل شهود الفرع شاهد الأصل، فإن عدالة غيرهما لم يحكم بشهادتهما.
وهو مذهب مالك: لأن ترك تزكية شاهدي الفرع لشاهد الأصل ريبة: والشهادة مع الاسترابة مردودة.
وهذا فاسد من وجهين: