أحدهما: أن التزكية لا يعين فيها المزكي وقد عينوها.
والثاني: أن الشهادة كالخبر ولما كان ناقل الخبر عن رواية يجوز تزكيته من غير ناقله، كذلك الشهادة يجوز فيها تزكية شاهدي الأصل من غير شهود الفرع.
والقسم الرابع: أن يعدلاه ولا يسمياه.
فلا يحكم بشهادتهما حتى يسمياه.
وحكي عن محمد بن جرير الطبري أنه قال: يجوز الحكم بها إذا زكى شاهد الأصل ولم يسميه لأن العدالة هي المعتبرة دون الاسم. وهذا فاسد من وجهين:
أحدهما: أنه قد يجوز أن يكون عدلاً عندهما فاسقاً عند غيرهما، فصار مجهول الحال بإعفاء تسميته
والثاني: أن للحاكم أن يطرد جرح الشهود، ولا يمكنه أطراد جرح من لم يسم والله اعلم.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: " ولو شهد رجلان على شهادة رجلين فقد رأيت كثيراً من الحكام والمفتين يجيزونه، قال المزني: وخرجه على قولين وقطع في موضع آخر بأنه لا تجوز شهادتهما إلا على واحد ممن شهد عليه وأمره بطلب شاهدين على الشاهد الآخر قال المزني: رحمه الله ومن قطع بشيء كان أولى به من حكايته له"
قال في الحاوي: وأصل هذه المسألة أن العدد معتبر في شهود الفرع لاعتباره في شهود الأصل، لأن الشهادة لا تخلو من اعتبار العدد فيها، أصلاً كانت أو فرعاً فإذا كانت شهادة الأصل معتبرة بشاهدين فلشهادة الفرع ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يشهد في الفرع شاهدان على شهادة أحد شاهدي الأصل ويشهد آخران على الشاهد الآخر فيصير شهود الفرع أربعة يتحمل عن كل واحد من الاثنين اثنان فهذا متفق جوازه، وهو أولى ما استعمل فيه.
والثانية: أن يشهد في الفرع واحد على شهادة أحدهما أو يشهد آخر على شهادة الآخر فهذا غير مجزئ لا يختلف فيه مذهبنا. وهو قول جمهور الفقهاء.
وحكي عن عبيد الله بن الحسن العنبري وابن أبي ليلى، وابن شبرمة وأحمد وإسحاق جوازه استدلالا بأن أصل الحق لما ثبت بشاهدين جاز أن ينوب عن كل واحد واحد فتصير نيابتها بشاهدين وهذا فاسد من وجهين:
أحدهما: أنه مفض إلى أن يصير العدد معتبراً في الأصل دون الفرع، وحكم الفرع