وذهب بعض (فقهاء) البصرة إلى إباحته في السفر دون الحضر لأنه يمنع من الفجور، ويبعث على غض الطرف.
وهذا فاسدا لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٧)}.
فصار المستمني منسوباً إلى العدوان ولأن النكاح مندوب إليه لأجل التناسل والتكاثر قال النبي صلى الله عليه وسلم: " تناكحوا تكاثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة حتى بالسقط".
وقال عمر رضي الله عنه: لولا الاستيلاد لما تزوجت.
والاستمناء بعيد عن النكاح ويمنع من التناسل فكان محظوراً لكنه من صغائر المعاصي، فينهي عنه الفاعل وإن عاد بعد النهي عزر، ولا يعتبر فيه شهود الزنا ويقبل فيه شاهدين وإن استحق فيه التعزير بعد النهي ولا يجب في القذف به حد ولا تعزير إن لم يعزر الفاعل.
وأما الفصل الثاني: في صفة الزنا.
فلا يقتنع من الشهود أن يشهدوا بالزنا حتى يصفوه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " العينان تزينان وزناهما النظر واليدان تزينان وزناهما البطش والرجلان تزنيان وزناهما المشي ويصدق ذلك ويكذبه الفرج"
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم استثبت ماعزاً إقراره بالزنا فقال: " لعلك قبلت لعلك لمست" قال: فعلت، بصريح اللفظ دون كنايته.
فإذا لزم ذلك في المقر كان في الشاهد أحق.
فإذا شهد أربعة على رجل بالزنا سألهم الحاكم: كيف زنى؟ ولم يحده قبل صفة الزنا.
ولأن عمر رضي الله عنه سأل من شهد على المغيرة بالزنا: كيف زنى؟
فقال أبو بكرة مع شبل بن معبد ونافع: رأينا ذكره يدخل في فرجها كدخول المردود في المكحلة.
وعرض زياد، وهو الرابع فقال: رأيت بطنه على بطنها، ورأيت أرجلاً مختلفة ونفساً يعلو واستاً تنبو فقال عمرة رأيت ذكره في فرجها؟ فقال لا، فقال عمر: الحمد لله قم يا أخي أجلد هؤلاء الثلاثة.
فجلدهم حد القذف فلم يجلد المغيرة، لأن الشهادة عليه لم تكمل ولم يجلد زياداً للقذف أنه عرض لم يصرح به.