فإذا كان كذلك، اعتبر ما وصفه الشهود.
فإن كان صرحوا بدخول ذكره في فرجها كملت بهم الشهادة وحد الشهود عليه حد الزنا، وسلم الشهود من حد القذف.
وإن لم يصرحوا جميعا بدخول ذكره في فرجها فلا حد على المشهود عليه، فأما الشهود فإن قالوا في أول شهادة، أنه زنى ووصفوا ما ليس بزنا واحداً واحداً. لأنهم قد صرحوا بالقذف ولم يشهدوا بالزنا، وإن لم يقولوا في أول شهادة أنه زنى وشهدوا عليه بما ليس بزنا، لم يجدوا قولاً واحداً
إن وصف ثلاثة منهم الزنا، ووصف الرابع ما ليس بزنا، لم يجد الشهود عليه لأن البينة بالزنا لم تكمل، في حد الثلاثة اللذين وصفوا الزنا قولان:
أحدهما: يحدون لأن عمر رضي الله عنه حدهم لأنهم صاروا قذفه.
والثاني: لا يحدون، لأنهم قصدوا الشهادة بالزنا ولم يقصدوا المعرة بالقذف.
فإن قيل بوجوب الحد عليهم لم تقبل شهادتهم حتى يتوبوا وقبل خبرهم قبل التوبة، لأن أبا بكر حين قال له عمر: تب أقبل شهادتك، فامتنع وقال: والله لقد زنى المغيرة فهم بجلده مرة ثانية، فقال له عليه السلام: إنك إن جلدته رجمت صاحبك، يعني أنك إن جعلت هذا غير الأول، فقد كملت به الشهادة فارجم المغيرة وإن كان هو الأول فقد جلدته.
وكان أبو بكر بعد ذلك يقبل خبره ولا تقبل شهادته.
وأما الرابع الذي وصف ما ليس بزنا فينظر في شهادته، فإن قال: إنه زنا، ثم وصف ما ليس بالزنا حد قولاً واحداً.
وإن لم يقل زنا، ووصف ما ليس بالزنا فلا حد عليه قولاً واحداً
وأما الفصل الثالث: في ذكر الشهود مكان الزنا.
فهو شرط في الشهادة على الزنا على ما ذكره أصحابنا وإن لم يكن شرطاً في الإقرار بالزنا، فيجب على الحاكم أن يسألهم عنه، لأنهم قد يقذفون على زناة في مكان واحد فيجب عليه الحد وقد يختلفون في المكان فلا يجب عليه الحد، فلذلك وجب سؤالهم عن مكان الزنا فإذا اتفقوا عليه حد الشهود عليه وإن اختلفوا فاختلافهم على ضربين:
أحدهما: أن يكون اختلافهم ب في بيتين فيقول بعضهم: زنى في هذا البيت ويقول آخرون: زنى في البيت الآخر فلا حد عل المشهود عليه وفي حد الشهود قولان
والثاني: أن يختلفوا في زاوية البيت فيقول بعضهم: زنى بها في هذه الزاوية من هذا البيت ويقول آخرون: زنى بها في الزاوية الأخرى من هذا البيت.
فعند أبي حنيفة يجب عليهما الحد استحساناً لا قياساً، لأنهما قد يتعاركان فينتقلان بالزحف من زاوية إلى أخرى.