أحدهما: عليهم نصف المهر، وهو مذهب أبي حنيفة لأمرين:
أحدهما: لأنه قدر ما التزم.
والثاني: أنه قد رجع على الزوجة بنصفه، فلو رجع على الشهود بجميعه لصار إليه مهر ونصف، وهو لا يستحق أكثر من المهر فعلى هذا عليهم نصف مهر المثل لأنه قيمة المتلف.
قال أبو حنيفة: نصف المهر المسمى اعتباراً بما غرم.
والثاني: يلزمهم جميع مهر المثل لأمرين:
أحدهما: أنهم قد أحالوا بينه وبين ما ملكه من جميع البضع، فوجب أن يرجع عليهم بجميع مهرها كما يرجع به لو دخل بها.
والثاني: أنه لما رجع بجميع المهر إذا استمتع بها، كان أولى أن يرجع بجميعه غذا لم يستمتع بها.
فعلى هذا، إن كان الصداق قد ساقه إليها لم يرجع عليها بنصفه، لأنه لا يدعيه.
وإن لم يسقه إليها لم يلزمه إلا نصفه، وإن اعترف لها بجميعه لأجل منعه منها.
وامتنع بعض أصحابنا من تخريج الرجوع على قولين، وحملوا ما رواه من أوجب جميع المهر على الزوج إذا ساق جميع المهر إليها، لأنه خرج عن يده جميع المهر فرجع عليهم بجميع المهر.
وهذه الطريقة عندي أولى عندي من تخريج القولين، لأن ما أمكن حمله على الاتفاق كان أولى من حمله على الاختلاف.
فصل:
وإن كان ما شهدوا به من الطلاق أقل من الثلاث فهو على ضربين:
أحدهما: أن يكون قبل الدخول، فيوجب الضمان على الشهود إذا رجعوا كما يوجبه طلاق الثلاث، لأنها تبين بالواحدة كما تبين بالثلاث.
والثاني: أن يكون بعد الدخول، فهو على ضربين:
أحدهما: أن لا تبين بالواحدة لأنه لم يتقدم منه طلاق فلا شيء على الشهود إذا رجعوا، لأن الزواج يقدر على استباحتها بالرجعة.
والثاني: أن تبين بالواحد التي شهدوا بها وهو على ضربين:
أحدهما: أن يكون ذلك في خلع تبين فيه بالواحدة ورجع الشهود عنه فعلى ضربين:
أحدهما: أن تكون الشهادة على الزوجة لإنكارها عقد الخلع، فقد ألزموها العوض، ولا يكون الطلاق بدلاً منه في حقها، فلها الرجوع عليهم بما أغرموها.
والثاني: أن تكون الشهادة على الزوج لإنكارها عقد الخلع، فقد كانوا ألزموه بالطلاق بما أوجبوه له من العوض، وهو مستحق له، وإن لم يدعه، لحقه في بضعها،