سواء قبلت شهادتهما في الرجوع عن الوصية بعتق سالم وفي الوصية بعتق غانم.
وزعم بعض العراقيين أنها تقبل في الوصية بعتق غانم ولا تقبل في الرجوع عن عتق سالم لأمرين:
أحدهما: أنها لما ردت في الرجوع لو انفردت ردت فيه إذا اقترنت بغيره.
والثاني: لدخول التهمة عليه من وجهين:
أحدهما: أن يكون سالم أكثر كسبًا فيمتلكاه.
والثاني: أن يكون غانم لا وارث له غيرهما فيرثاه، وهذا فاسد من وجهين:
أحدهما: أنهما لو شهدا بالوصية ولم يشهدا بالرجوع صحت شهادتهما وتعين العتق بالقرعة في أحدهما، فجاز أن يتعين فيه بشهادتهما.
والثاني: أن الواجب بالوصية إخراج الثلث من العتق، وشهادتهما بالرجوع لا يمنع منه، لأن تعيينه في أحدهما ينفي التهمة عنهما من وجهين:
أحدهما: أن المعتبر هو القيمة وقد التزماها.
والثاني: أن ما ظن بهما من طلب الكسب والميراث ليس بموجود في الحال وقد يكون من بعد وقد لا يكون. فلم يجز أن يعتبر به التهمة في الحال، وقال الشافعي: "لو أبطلت شهادتهما لذلك لأبطلتها لذوي أرحامهما".
فصل:
ويتفرع على هذا أن يشهد أجنبيان بعتق سالم وغانم وقيمة كل واحد منهما الثلث، ويشهد وارثان أنه رجع عن عتق سالم إلي عتق غانم، قبلت شهادتهما، لأن الواجب بالشهادة عتق أحدهما، فلما جاز تعيينه بالقرعة، جاز تعيينه بشهادة الورثة لانتفاء التهمة، وعتق غانم ورق سالم بغير قرعة، كما جاز أن يكون كذلك بالقرعة.
ويتفرع على كل هذا، إذا شهد أجنبيان أنه أوصى بعتق سالم وهو الثلث، وشهد وارثان أنه رجع عن عتق سالم وأوصى بعتق غانم وهو الثلث، وشهد أجنبيان أنه رجع عن عتق أحدهما وأوصى بعتق نافع بطلت الوصية بعتق سالم بشهادة الوارثين، ولم تبطل في غانم بشهادة الأجنبيين، لأنهما أطلقا الرجوع ولم يعيناه في غانم وثبت بهما الوصية بعتق نافع، وقد ثبتت بشهادة الوارثين الوصية بعتق غانم وإبطال الوصية بعتق سالم، فيرق سالم، ويقرع بين غانم ونافع ويعتق منهما من قرع ويرق الآخر.
فإن شهد الوارثان برجوعه عن عتق نافع، جاز وتعينت الوصية بعتق غانم.
ولو شهد أجنبيان أنه أوصى بعتق سالم، وشهد وارثان أنه أوصى بعتق غانم، وشهد أجنبيان أنه رجع عن عتق أحدهما، لم يكن للشهادة بالرجوع تأثير، لأنه لو لم يرجع أقرع بينهما، والرجوع إذا لم يعين يقتضي الإقراع، فبطل تأثير الشهادة بالرجوع.