للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة:

قال الشافعي رضي الله عنه: "ولو شهد أجنبيين أنه أعتق عبدًا هو الثلث وصيًة وشهد وارثان أنه رجع فيه وأعتق عبدًا هو السدس عتق الأول بغير قرعٍة للجر إلي أنفسهما وأبطلت حقهما من الآخر بالإقرار".

قال في الحاوي: قد مضى الكلام في قبول شهادة الورثة بالرجوع في الوصية إذا لم يتهما، وردها إذا اتهموا، وصورة مسألتنا هذه أن يشهد أجنبيان أنه أوصى بعتق سالم وقيمته الثلث، ويشهد وارثان أنه رجوع عن الوصية بعتق سالم وأعتق غانمًا وقيمته السدس، فقد صارا بشهادتهما متهمين، لأنهما جرا بها بسدس التركة إلي أنفسهما، فتوجهت التهمة إليهما في نصف الرجوع وهو السدس.

وللشافعي في تبعيض الشهادة إذا ردت بالتهمة في بعض المشهود فيه، هل يوجب ردها في باقية؟ قولان:

فاختلف أصحابنا في تخريج هذين القولين في هذا الموضع.

فذهب أبو العباس بن سريج وجمهور البغداديين إلي أن تبعيض الشهادة في هذه المسألة على قولين:

أحدهما: أنها ترد في الجميع ولا تبعيض على ما رضي عليه الشافعي في هذا الموضع، فعلى هذا تبطل شهادة الوارثين في كل الرجوع، ويعتق في التركة سالم بشهادة الأجنبيين وهو الثلث، ويعتق غانم على الوارثين بإقرارهما.

والثاني: يبعض الشهادة ها هنا كما بعضها الشافعي رضي الله عنه في القذف على أحد القولين، فعلى هذا ترد شهادة الوارثين بالرجوع في نصف سالم"وتقبل في الرجوع بنصفه" ويعتق نصفه بالوصية بشهادة الأجنبيين، ويرق نصفه بشهادة الوارثين، ويعتق جميع غانم بشهادة الوارثين وقد استوعب ثلث التركة بالشهادتين.

وذهب جمهور البصريين من أصحابنا إلي منع من تبعيض الشهادة في هذا الموضع، وإن كان تبعيضها في الشهادة بالقذف على قولين، وجعلوا الفرق بينهما معتبرًا بأن التهمة إذا توجهت إلي صفة الشاهد ردت، ولم يجز تبعيضها كالعدواة، وإذا توجهت إلي صفة المشهود فيه جاز تبعيضها على أحد القولين، والتهمة ها هنا في صفة الشاهد دون المشهود فيه، فردت جميعها ولم يبعض.

ويتفرع على هذا، إذا شهد أجنبيان أنه أوصى بعتق عبد قيمة نصف التركة، وقبلت شهادة الوارثين في الرجوع عن الأول وفي عتق الثاني في الثلث وتنتفي عنهما التهمة في الرجوع بالزيادة لأنها مردودة الشرع، فقبلت شهادتهما في الرجوع بالكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>