يحال بينه وبين سيده على إقامة الشاهد الآخر، ففي إجابته إلي ذلك قولان منصوصان:
أحدهما: يجاب إلي ذلك، لأن بقية العدد كبينة العدالة.
والثاني: لا يجاب إليه لأنه قد أتى في كمال العدد بما عليه، وبقي ما على الحاكم من ظهور العدالة، ولم يأت في نقصان العدد بما عليه فلم يحكم له بما سأل.
فإن قيل: بأنه لا يجاب ولا فرق بين أن يكون الشاهد الذي أقامه معروف العدالة أو مجهولها، ويحلف السيد على إنكار العتق فيكون العبد في يده على الرق.
وإن قيل: بأنه يجاب في الإحالة بينه وبين سيده لم يخل حال الشاهد من أن يكون معروف العدالة أو مجهولها، فإن كان معروف العدالة، حيل بينه وبين سيده إلي مدة ثلاثة أيام، فإن أقام الشاهد الآخر حكم له بالعتق، وإن لم يقمه أحلف السيد على إنكار العتق، وأعيد العبد إلي يده على الرق، وإن كان الشاهد الذي أقامه مجهول العدالة فقد اختلف أصحابنا على هذا القول في جواز الإحالة بينه وبين سيده على وجهين:
أحدهما: يحال بينهما كما لو كان الشاهد عدلًا اعتبارًا بعدالة ظاهره.
والثاني: أن لا يحال، لأن الباقي من العدالة والعدد أكثر من الماضي فيسقط باعتبار الأقل.
فصل:
ولو كانت الدعوى في حق أيتام فأقام مدعيه شاهدًا واحدًا وسأل حبس خصمه على إقامة شاهد آخر، فإن كان الحق مما لا يثبت إلا بشاهدين كالقصاص والنكاح، ففي جواز حبسه على إقامة الشاهد الآخر قولان كما ذكرنا في دعوى العتق.
أحدهما: لا يحبس به.
والثاني: يحبس إلي مدة ثلاث أيام ثم يطلق إن لم يقم الآخر.
وإن كان الحق مما يثبت بالشاهد واليمين فقد اختلف أصحابنا في حبس الخصم فيه بالشاهد الواحد: فذهب بعضهم إلي جوازه قولًا واحدًا، لأن له أن يحلف معه ويستحق، وذهب آخرون منهم إلي أنه على قولين أيضًا كغيره، لأنه لو أراد اليمين لعجله، والله أعلم بالصواب.
فصل:
ولو شهد شاهدان أنه أوصى بثلث ماله لزيد، وشهد شاهد واحد أنه أوصى بثلث ماله لعمرو، وليحلف معه عمرو، فالشاهد واليمين بينة في الوصية بالمال، فإذا قابلت شاهدين ففي مزاحمتهما له قولان:
أحدهما: يزاحمهما، لأنه بينة في إثبات الوصية كالشاهدين، ويكون الثلث بين عمرو وزيد نصفين.