والثاني: أن الشاهد واليمين لا يزاحم الشاهدين لكمال الشاهدين وقصور الشاهد واليمين.
ولو شهد شاهد عمرو أنه رجع عن الوصية لزيد، وأوصى بثلثه لعمرو وحلف معه عمرو، صح الرجوع والوصية لعمرو بالشاهد واليمين قولًا واحدًا، لأنه ليس في الشاهد واليمين ها هنا مزاحمة للشاهدين، وإنما هي بينة برجوع لم يتضمنه شهادة الشاهدين.
وهاتان المسألتان نص عليهما الشافعي في كتاب الأم. والله أعلم.
فصل:
وإذا قال: إن قتلت فعبدي حر وشهد شاهدان أنه قتل وشهد آخران أنه مات ففيه قولان:
أحدهما: أنه يحكم بشهادة القتل وتسقط شهادة الموت. لأنهما أزيد علمًا فيستحق القود ويعتق العبد.
والثاني: قد تعارضت البينتان فيما شهد لأنه لا استحالة أن يموت مقتول أو يقتل ميت، فلا يستحق القود ولا يعتق العبد لأجل الاستحالة فلو قال لعبده: إن مت في رمضان فسالم حر، وإن مت في شوال فغانم حر ثم شهد شاهدان أنه مات في رمضان وشهد آخران أنه مات في شوال ففيه قولان:
أحدهما: قد تعارضت الشهادتان بتنافيهما ويعلم في العتق على تصديق الورثة.
والثاني: يحكم بقول من شهد بموته في رمضان، لأنه أزيد علمًا، ويعتق العبد الأول، فإن صدق الورثة الثاني عتق عليهم بموته، ولو قال: إن مت في مرضي هذا فعبدي سالم حر، وإن مت في غيره فعبدي غانم حر فشهد شاهدان أنه مات في مرضه ذلك، وشهد آخران أنه مات في غيره، ففيه قولان:
أحدهما: قد تعارضت البينتان وسقطتا، وعتق أحدهما لم يتعين فيرجع إلي بيان الورثة في ذلك، فإن أثبتوا عتق أحدهما عمل في ذلك على بيانهم وحكم برق الآخر، وله إحلافهم، وإن عدم بيان الورثة أقرع بينهما وعتق القارع ورق المقروع.
والثاني: لا تعارض بين البينتين، ويحكم بأسبق الشهادتين، ويعتق أول العبدين.