يريد أن أبا بكر كان كالمترجم لهم إذ كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قاعداً وهم قيام وأكثرهم لا يرونه ولا يسمعون صوته، فلهذا قال: كانوا يصلون بصلاة أبي بكر ولم يأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقعود، فكان هذا ناسخاً للأول.
وروي: أنه خرج يهادي بين رجلين: أسامة ورجل آخر. وقد روى سفيان: أن الإمام كان أبا بكر رضي الله عنه، وهو غلط.
وأما الدليل الآخر، قلنا: في الجمعة سقطت ركعتان بسبب الجماعة لا بسبب الإمام، لأن الإمام لو انفرد صلى أربعاً كالقوم وههنا لو قدر الإمام على القيام لم يترك لعجز القوم، فلذلك القوم لا يتركونه لعجز الإمام، ثم تقابل بأن المأموم أحد ركني الجماعة، فلا يسقط عنه القيام بعجز صاحبه كالإمام لا يقعد بقعود المأمومين، ويؤكده أن القارئ يتحمل القراءة عن المأموم عند بعض العلماء، والأمي لا يتحمل والقادر إذا لم يتحمل القيام عن القوم، فالعاجز أولى أن لا يتحمل. وأما احتجاج مالك رحمه الله. قلنا: صار منسوخاً بجبرنا مع أنه مرسل ضعيف. رواه جابر الجعفي، أو أراد استحباباً. واحتج أيضاً بأنه فقد ركناً من صلاته، فلا تجوز إمامته كالأمي. قلنا: لأنه ناقص أو مقصر في التعليم والعاجز عن القيام ليس بناقص إذ لا يجوز أن يقال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: كان ناقصاً حين مرض ولا أن صلاته ناقصة.
مسألة: قال: "فإن صلى الإمام لنفسه جالساً ركعة، ثم قدر [٢١٠ أ/٢] على القيام".
الفصل
وهذا كما قال: قد ذكرنا فيما تقدم أنه إذا زالت العلة في أثناء الصلاة يلزمه القيام ويبني، فإن لم يقم بطلت صلاته، فإن لم يعلم المأموم بصحته وقدرته على القيام صحت صلاته لأنه غير مفرط، وإن علم بصحته وتركه القيام بطلت صلاته، فإن قيل: كيف يعلم المأموم صحته وقدرته؟. قلنا: قال أبو إسحق رحمه الله: يمكنه أن يعلم بأن المانع أنه كان لا يقدر على مد الرجلين، فرآه، وقد مدهما وقد يعلم بعلامة أخرى سوى هذه.
ومن أصحابنا من قال: فيه قول أخر: لا تبطل صلاته بل تصير نفلاً. وقول الشافعي ههنا:(أفسد صلاته)، أي: أفسد يعني الفرض فعلى هذا لا تبطل صلاة المأمومين أصلاً، وإن علموا بصحته. وهذا خلاف المذهب الظاهر، ثم ذكر المزني رحمه الله بعد هذا مسألة الأمة إذا صلت مكشوفة الرأس، وقد ذكرناها فيما تقدم، وذكر في وسط كلامه أنه إذا دخل في الصلاة، وهو لا يحسن أم القرآن ثم أحسنها بني عليها، وعند أبي حنيفة: بطلت صلاته إذا تعلم القرآن، ولم يكن يعلم شيئاً.
مسألة: قال: وعلى الآباء والأمهات أن يؤدبوا أولادهم".