للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفصل

وهذا كما قال: إذا بلغ الصبي سبع سنين كان على أبيه أن يعلمه الطهارة والصلاة، لأن هذا سن التمييز والعقل في العادة، وهو الحد الذي يخير فيه الصبي بين أبويه، وإذا بلغ عشراً أمره بها وضربه عليها.

قال القاضي أبو حامد: "ويعوده الجماعة ليعتادها"، وهذا لقوله - صلى الله عليه وسلم - في رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع"، والمعنى في الضرب إذا بلغ عشراً أنه يحتمل البلوغ فيه بالاحتلام، فيؤمر به ضرباً، لأنه ربما يكون [٢١٠ ب/٢] بلوغه، فإن كان بالغاً يكون مؤدياً للواجب وإن لم يكن بالغاً يتعود ذلك حتى لا يكسل عنها في كبره. وكذلك الجد والوصي والقيم من جهة الحاكم عليهم ما على الأب.

وأما وجوب الفعل قبل بلوغه فلا يجب لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى ينتبه". وأما في "الأم" فأشار إلى أنه يجب قبل بلوغه، ولكنه لا يعاقب على تركها عقوبة من تركها بعد بلوغه.

ورأيت كثيراً من المشايخ يركبون هذا القول في المناظرات وليس بمذهب لأنه غير مكلف أصلاً، وإنما هذا قول أحمد في رواية: أنها تجب عليه إذا بلغ عشراً بدليل أنه يضرب على تركها، وعندنا هذا الضرب للاعتياد كما يضرب تأديباً في الأمور. فإذا تقرر هذا ففيما نقله المزني إشكال، لأنه قال: أن يعلموهم الطهارة والصلاة ويضربوهم على ذلك إذا عصوا، فيوهم الأمر بالضرب فيما دون العشر إذا عقل، وليس كذلك فنقول في النظم تقديم وتأخير ونظمه ويعلمونهم الطهارة والصلاة إذا عقلوا، ويضربونهم على ذلك، فيبقى الضرب مطلقاً عن بيان الوقت، ثم يعلم وقته بالخبر، ثم قال: "فمن أحتلم أو حاض أو أستكمل خمس عشرة سنة لزمه الفرض"، أراد فمن احتلم من الغلمان أو حاض من النساء.

واختلف أصحابنا في الجارية إذا احتلمت في هذه السن، ولم تحض هل يكون بلوغاً؟ على وجهين. والصحيح أنه بلوغ وظاهر قوله ههنا: فمن احتلم يدل على التسوية بينهما، وإذا لم يوجد حيض ولا احتلام، فالبلوغ عندنا استكمال خمس عشرة سنة.

ومن أصحابنا من قال: يحصل بالطعن في الخامسة عشرة، وعند أبي حنيفة باستكمال ثماني عشر، وفي المرأة روايتان:

إحداهما: كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>