أحدهما: استصحاب حياة الملفوف.
والثاني: استصحاب براءة ذمة الجاني، فجاز أن يغلب في أحد القولين براءة ذمة الجاني، وجاز أن يغلب في القول الثاني بقاء حياة المجني عليه، فلذلك كانت على قولين. وليس في دعوى موت الأب، إلا استصحاب أصل واحد هو استدامة حياته ولا يقابله أصل يعارضه، فلذلك كان على قول واحد في استصحاب الحياة.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ولو قالت امرأةً الميت وهي مسلمة زوجي مسلم وقال ولده وهم كفار بل كافر وقال أخو الزوج وهو مسلم بل مسلم، فإن لم يعرف، فالميراث موقوف حتى يعرف إسلامه من كفره ببينة تقوم عليه".
قال في الحاوي: وصورتها في ميت مجهول الدين، ترك زوجة وأخا مسلمين، وابنا كافرًا، فادعت الزوجة، والأخ أنه مات مسلمًا فالميراث لهما، وادعى الابن أنه مات كافرا فالميراث له.
فإن عدمت البينة، كان ميراثه موقوفًا، حتى يتبين أمره، فيعمل على البيان، أو يتصادقوا عليه، فيعمل على التصادق، أو يصطلحوا عليه، فيجاز الصلح، فإن وجدت البينة فإن تفرد بها أحد الفريقين من مدعي إسلامه، أو كفره، عمل عليها، فإن شهدت بإسلامه، كان ميراثه لزوجته، وأخيه المسلمين، وإن شهدت بكفره كان ميراثه لابنه الكافر، وإن تعارضت فيه بينتان شهدت إحداهما بكفره، وشهدت الأخرى، بإسلامه، كان على ما قدمناه من اعتبار الشهادتين، وهي تنقسم على ثلاثة أقسام:
أحدها: أن تتقيد الشهادتان على مضادة يتكاذبان فيها.
والثاني: أن تتقيد على تصادق لا تكاذب فيه.
والثالث: أن يكونا مطلقين.
فأما الأول: إذا كانتا مقيدتين على مضادة يكونان فيها متكاذبين، بأن تشهد إحداهما، أنه مات على كلمةً الإسلام، وتشهد الأخرى أنه مات على كلمة الكفر، فهو على قولين وثالث مختلف فيه:
أحدها: إسقاطهما ويكون الأمر موقوفًا على بيان، أو إصلاح.
والثاني: الإقراع بينهما، والحكم لمن قرع منهما.
والثالث المختلف فيه: استعمالهما. فمن أصحابنا من بناه على الاختلاف المتقدم من الوجهين، والذي عليه الجمهور، أنه لا يصح تخريج هذا القول هاهنا وجهًا واحدًا، وإن جاز تخريجه في الوجهين، لأن الابنين فيما تقدم شريكان والأخ والابن هاهنا