للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متدافعان، فصح الاشتراك هناك وبطل هاهنا.

وأما الثاني: وهو أن تتقيد الشهادتان، بغير مضادة يتكاذبان فيها فعلى ضربين:

أحدهما: أن تشهد إحداهما، أنه كان كافرا في رجب، وتشهد الأخرى أنه كان مسلمًا في شعبان، فيحكم بالشهادة على إسلامه لحدوثه بعد كفره ويكون ميراثه لزوجته، وأخيه المسلمين.

والثاني: أن تشهد إحداهما أنه كان مسلمًا في رجب، وتشهد الأخرى أنه كان كافرًا في شعبان، فيحكم بالشهادة على كفره بعد إسلامه، فيحكم بردته، ولا يرثه أحد الفريقين من ورثته، ويكون ميراثه لبيت المال.

وأما الثالث: أن تكون الشهادتان مطلقتين بأن تشهد إحداهما أنه كان مسلمًا وتشهد الأخرى أنه كان كافرًا من غير تقييد لوقت إسلامه، ووقت كفره، فقد تعارضتا، ويكون على ما قدمناه من الأقاويل في القسم الأول، لأنه لأحدهما على الآخر إذ ليس له في أحد الدينين أصل يترجح به.

فصل:

وإذا هلك مجهول الدين وترك أبوين كافرين، وابنين مسلمين، فادعى أبواه أنه مات كافرًا، وادعى الابنان أنه مات مسلمًا ولا بينة لأحدهما، ففيه وجهان حكاهما ابن سريج:

أحدهما: أن القول فيه قول الأبوين الكافرين مع أيمانهما لأن كفره قبل بلوغه معلوم بكفرهما، فلم يقبل دعوى الابنين في حدوث إسلامه، لأن الأصل استصحاب كفره.

والثاني: يكون ميراثه موقوفًا لتساوي الحالين بعد بلوغه في إسلامه، وكفره، لأن ما قبل بلوغه هو فيه تبع لا يتحقق إلا بعد بلوغه، لو كان أبواه مسلمين، وابناه كافرين. فإن لم يعلم للأبوين قبل الإسلام، فيجوز أن يولد قبل إسلامهما فيجري عليه حكم الكفر قبل البلوغ، ويجوز أن يولد بعد إسلامهما فيكون مسلما قبل البلوغ فهما على ضربين:

أحدهما: أن يكون النزاع في زمان ولادته، فيدعي والداه أنه ولد بعد إسلامهما، ويدعي ابناه أنه ولد قبل إسلامهما، فالقول فيه قول الأبوين مع أيمانهما في إسلامه، لأننا على يقين من حدوث ولادتهم، وفي شك من تقدمها.

وإن كان النزاع في إسلام الأبوين، فيدعي أبواه أنهما أسلما قبل ولادته، ويدعي ابناه أنهما أسلما بعد ولادته، فالقول قول الابنين في إسلام الأبوين بعد الولادة مع أيمانهما لأننا على يقين من حدوث إسلامهما وفي شك من تقدمه.

مسألة:

قال الشافعي رضي الله عنه: "ولو أقام رجل بينة أن أباه هلك وترك هذه الدار

<<  <  ج: ص:  >  >>