ملك النتاج أولى وقد يمكن أن يكون صاحب النتاج قد أخرجه من ملكه كما أمكن أن يكون صاحب الملك الأقدم أخرجه من ملكه".
قال في الحاوي: وصورتها من رجلين تداعياً عيناً منقولة، كعبد، أو دابة، أو غير منقولة كدار أو عقار. وأقام البينة أنها له منذ سنة. وأقام الآخر البينة أنها له منذ شهر، أو أطلق الشهادة بالملك في الحال أو في مدة هي أقصر، فلا يخلو حال الملك المتنازع فيه من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يكون في يد غيرهما.
والثاني: أن يكون في يدي أحدهما
والثالث: أن يكون في أيديهما.
فأما القسم الأول: إذا كان الملك في يدي غيرهما ولأحدهما بينة بقديم لملك منذ سنة، والآخر بينة لحديث الملك منذ شهر، ففيهما قولان:
أحدهما: وهو اختيار أبي العباس بن سريج: أنهما سواء، لا يترجح من شهدت بقديم على الأخرى لأمرين:
أحدهما: أنهما تنازعا ملكها في الحال، فلم تؤثر بينة ما شهدت بما قبلها، لأنه غير متنازع فيه.
والثاني: وهو أظهر، وبه قال أبو حنيفة، واختاره المزني أن الشهادة بقديم الملك أرجح، والحكم بها أولى لأمرين:
أحدهما: أنهما قد تعارضتا في أقل المدتين، وأثبتت المتقدمة ملكاً لم يعارض فيه فوجب وقف المتعارض، وأمضى ما ليس فيه تعارض.
والثاني: أن ثبوت ملك المتقدم يمنع أن يملكه المتأخر إلا عنه، ولم تتضمنه الشهادة، فلم يحكم بها، فإذا تقرر توجيه القولين.
فإن قيل بتساويهما على القول الأول، صارتا متعارضتين فيكون فيهما ثلاثة أقاويل:
أحدها: إسقاطها والرجوع إلى صاحب اليد.
والثاني: الإقراع بينهما، والحكم لمن قرع منهما.
والثالث: استعمالها، وقسم الشيء بينهما، وهذا القول يجيء في هذا الموضع لمكان الاشتراك.
فإن قيل بترجيح البينة بقديم الملك على البينة بحديثه، وجعل الحكم فيها أولى، ثبت لصاحبها الملك من المدة المتقدمة، وحكم له بما حدث عن الملك من نتاج، ونماء وغلة في تلك المدة، وإلى وقته، ثم يبني على هذين القولين ما جعله المزني أصلاً، وهو