للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل واحد منهما، وهو لتفريق الصفقة عليه بالخيار في إمضاء البيع في نصف الدار بنصف الثمن أو فسخه، لأنه ابتاع جميع الدار فجعل له نصفها ولهما في الخيار ثلاثة أحوال:

إحداهما: أن يختار الإمضاء فيكونا شريكين.

والثانية: أن يختار الفسخ، فيصح فسخ من تقدم منهما، ويتوفر سهمه بالفسخ على المتأخر، فيسقط خياره في الفسخ، لأن البيع قد تكامل له في جميع الدار.

والثالثة: أن يمضي أحدهما، ويفسخ الآخر، فقد زال ملك الفاسخ، ونظر فإنه فسخ قبل رضا الآخر بالنصف يغرم سهمه على التراضي وأخذ جميه الدار بجميع ثمن بينته، وإن فسخ بعد رضا الراضي لم يعد سهم الفاسخ على الراضي، لاستقرار الحكم في ابتياعه النصف.

فصل:

وأما الحالة الثالثة: وهو أن تكون الدار في يدي أحد المشتريين، فقد اختلف أصحابنا هل تترجح بينته بيده أم لا؟ على وجهين مبنيين على اختلاف الوجهين في الترجيح بيد البائع، إذا صدق أحدهما بترجيح يد أحد المشتريين، إذا قيل: إنها ترجح بين البائع إذا صدقه فيحكم له ببينته، ويده ويرجح الآخر بالثمن الذي شهدت به بينته، ويجوز أن يكون خصماً لصاحب اليد في الدار ويحلفه إذا أنكره، وإن صدقه سلم الدار إليه بإقراره بالثمن الذي شهدت به بينته إن كان مثل الثمن في ابتياع حقه، وإن كان أقل لم يكن له أن يرجع بالباقي، لأنه مقراً أنه لا يستحقه على الثاني، وإن كان أكثر لم يكن له أن يأخذ الزيادة، لأنه مقر أنه لا يستحق أكثر من الثمن الذي دفع، ويكون درك للثاني على الأول، دون البائع، ولا يكون على البائع درك الأول، ولا الثاني لأن الثاني ملكها عن الأول، والأول قد أقر أنه لا يملكها عن البائع فلذلك سلم البائع من دركها.

والثاني: أنه لا تترجح البينة بيد البائع إذا صدق أحدهما. فعلى هذا يسقط حكم يده، وتتعارض البينتان في حقهما فتكون على الأقاويل الثلاثة:

أحدهما: يسقطان ويرجع إلى البائع في إقراره، وإنكاره على ما مضى.

والثاني: يقرع بينهما، ويحكم لمن قرع منهما على ما مضى.

والثالث: يقسم بينهما باستعمالهما على ما مضى.

وذكر الربيع قولاً رابعاً: أن تعارض البينتين، يوجب إبطال الصفقتين فيكون كل واحد من البيعين باطلاً كالمتداعيين نكاح امرأة يقيم كل واحد منهما البينة على أنه تزوجها، يبطل النكاحان بتعارضهما، فأنكر أصحابنا هذا القول ونسبوه إلى الربيع تخريجاً لنفسه، ومنعوا من اعتباره بالنكاح، لوقوع الفرق بينهما، بأن نكاح المرأة لا يجوز أن يكون بين زوجين، وشراء الدار يجوز أن يكون بين مشتريين، فبطل النكاحان، لامتناع الشركة، ولم يبطل البيعان مع جواز الشركة.

<<  <  ج: ص:  >  >>