قال الشافعي رحمه الله:" ولو أقام بينة أنه اشترى هذا الثوب من فلان وهو ملكه بثمن مسمى ونقده الآخر البينة أنه اشتراه من فلان وهو يملكه بثمن مسمى ونقده فإنه يحكم به للذي هو في سديه لفضل كينونته. قال المزني: وهذا يدل على ما قلت من قوله"
قال في الحاوي: وهذه المسألة الثانية التي يجتمع فيها بائعان، ومشتريان وصورتها أن يتنازع رجلان في ثوب يدعي أحدهما أنه اشتراه من زيد وهو مالكه بثمن سماه ونقد إياه، ويقيم على ذلك بينة بالملك والبيع ويدعي الآخر أنه اشتراه من عمرو، وهو مالكه بثمن سماه، ونقده إياه، ويقيم على ذلك بينة بالملك والبيع فلا يخلو الثوب من خمسة أحوال:
أحدها: أن يكون في يد المبايعين.
والثاني: أن يكون في أيديهما.
والثالث: أن يكون في يد أحد المشتريين.
والرابع: أن يكون في أيديهما.
والخامس: أن يكون في يد أجنبي.
فأما الحالة الأولى: وهو أن يكون الثوب في يد أحد المبايعين فبينته أرجح وجهاً واحداً، لأنها بينة داخل تندفع بها بينة خارج فيصح بيعه، ويؤخذ بتسليم الثوب إلى مشتريه منه ويبطل بيع الآخر، ويؤخذ برد الثمن على مشتريه منه، ولا يمين للبائع الآخر ولا للمشتري على من ترجحت بينته من البائع والمشتري، لأن الحكم ثبت لهما بالبينة ترجيحاً باليد ولا يمين مع البينة.
فصل
وأما الحالة الثانية: وهو أن يكون الثوب في يد البائعين فلا تخاصم بين المشتريين، فقيل: إنه لابد لواحد منهما على ما يدعيه، وخصمه فيه هو البائع عليه، ليسلم إليه ما باعه وللبائع حينئذ حالتان:
إحداهما: أن يتنازعا كل واحد منهما، أنه مالك لجمعيه وبينة كل واحد من المشتريين في البيع، هي بينة لكل واحد من البائعين في الملك ولكل واحد منهما بينة داخل في النصف الذي بيده، وبينة خارج في النصف الذي في يد صاحبه، فيحكم لكل واحد منهما بنصفه ويده، لأنه قد عارضته فيه بينة خارج وهل يجب لكل واحد منهما أحلاف صاحبه، أم لا؟ على قولين: من تعارض البين هل يسقطان، أو يستعملان؟