فإن قيل: بإسقاطهما فعلى كل واحد منهما أن يحلف لصاحبه أنه لا حق له فيما بيده، ولا يحلف أنه مالك لما بيده، لأنه يحلف على إنكاره وليس يحلف على إثباته.
وإن قيل: باستعمال البينتين فلا يمين على واحد منهما لصاحبه، لأن من حكم له بالبينة لم يحلف معها، ثم يصير كل واحد من البائعين مالكاً لنصفه وبائعاً لجميعه فيكون كل واحد من المشترين بالخيار بين إمضاء البيع في نصفه والرجوع بنصف ثمنه، وبين فسخ البيع في جميع، والرجوع بجميع ثمنه على ما بيناه.
والثانية: أن يتصادق البائعان على أن كل واحد منهما مالك لنصفه، فينقطع التخاصم بينهما بالتصادق وفي انقطاع خصومة المشتريين بانقطاعها بين البائعين وجهان:
أحدهما: قد انقطعت الخصومة بتصادقهما، وصار كل واحد منهما مالكاً لنصفه وبائعاً لجميعه فلزمه تسليم مالك ودرك ما لم يملك.
والثاني: أن الخصومة باقية لكل واحد من المشتريين لأنه يدعي ملك جميع الثوب، وقد صار إلى نصفه مع بقائه في حق غيره، ويكون مخاصماً فيه لمن بيده النصف الآخر فإن كان قد تسلم مشتريه كان كل واحد منهما خصماً لصاحبه فيه فيتحالفان عليه، ولا تستعمل بيناهما فيه، لأنهما لا تفيدهما أكثر من قسم بينهما.
فإن حلفا أو نكلا كان بينهما، وانقطع تخاصمهما وإن حلف أحدهما، ونكل الآخر حكم بجميعه للحالف ولم يلزم لبائعه عليه إلا نصف ثمنه، وإن صار مالكاً لجميعه أن البائع مقراً أنه لا يملك إلا نصفه، فإن لم يكن مشتريه قد ساق الثمن إليه، لم يطالبه البائع إلا بنصفه، وإن كان قد ساق جميع الثمن لم يكن له استرجاع شيء منه، لأنه مقر باستحقاقه عليه، وليس للمشتري الناكل رجوعه يدركه على بائعه لأنه مستحق في يده بنك وله، ولو حلف لكان مقراً في يده ولو لم يتسلم المشتري، وكان باقياً من يد البائعين وقفت الخصومة بين المشتريين، وكان لكل واحد مطالبة مبايعه فتسلم ما ابتاعه منه، وهو لا يقدر إلا على تسليم نصفه الذي في يده فإذا قبض كل واحد منهما نصفه، تخاصم فيه المشتريان، وكان حكمهما في التخاصم على ما ذكرناه.
فصل
وأما الحالة الثالثة: وهو أن يكون الثوب في يد أحد المشتريين، ترجحت بينه بيده وجهاً واحداً بخلاف يده لو كان البائع عليها واحداً في أحد الوجهين، لأنهما في الشراء مع اثنين يجعل يده بيد بائعه الذي لم ينقل ملكه إلا إليه فصارت يد كيد أحد البائعين، فحكم له بالجميع لأن بينته بالجميع بينه داخل وبينة الآخر في الجميع بينة خارج، ولزمه جميع الثمن ورجع الآخر على صاحبه بجميع الثمن وليس له مخاصمة صاحبه في الشراء، لأنه قد استقر ابتياعه لجميع الثوب، لحكم لت، وينقطع التنازع بين البائعين، كانقطاعه بين المشتريين لنفوذ الحكم بالبينة واليد البائع، والمشتري منه على البائع الآخر والمشتري منه.