للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالثوب إذا كان لا يتكلم"

قال في الحاوي: وجملته أنه لا يخلو حال هذا الموجود إذا دعاه الواجد عبداً من ثلاثة أحوال:

أحدها: أن يكون بالغاً عاقلاً فتعتبر حالة فإن أنكر الرق، وقال: أنا حر فالقول قوله مع يمينه ولا تقبل دعوى واجدة في ادعائه، لأن الأصل الحرية والرق طارئ فكان الظاهر معه فلو عاد بعد إنكاره للرق، فأقر لواجده بالرق لم يقبل إقراره كان على الحرية حتى يقيم مدعيه بينه برقه، لأن من أقر بالحرية لم يقبل إقراره بالرق وإن كان هذا أقر بالرق حين أخذه الواجد، وأنكر أن يكون مملوكاً لهذا الواجد المدعي لرقه، فلا اعتبار بإنكاره لأن العبد لا يد له على نفسه، ويقر على يد مدعيه لأنه ليس له منازع فيه ويجبر العبد على المقام معه، فإن حضر من ادعاه، ونازعه فيه كان للأول يد، وليس للثاني يد، فيكون القول فيه قول الأول. مع يمينه لثبوت يده قبل منازعته إلا أن يقيم الثاني بينة، فيحكم أنه عبد للثاني، لأن البينة أولى من اليد فإن أقام الأول بينه كان أحق به من الثاني، لأن الأول بينة داخل وللثاني بينة خارج.

ولو تنازعه في الحال رجلان ولم يكن لأحدهما عليه يد، وأقام كل واحد منهما بينة بأنه عبده فصدق العبد أحدهما لم تترجح بينته بتصديقه، وتعارضت فيه البينتان فيكون على الأقاويل الثلاثة.

ولو تنازعه رجلان، ولا بينة لأحدهما فصدق أحدهما في رقه وكذب الآخر، وأنه مملوك له دون الآخر كان عبداً للمصدق منهما دون المكذب.

وقال أبو حنيفة: يكون عبداً لهما يشترك فيه المصدق، والمكذب، لأنه قد صار باعترافه لأحدهما مملوكاً ولا اعتبار باعتراف المملوك وإنكاره وهذا ليس بصحيح لأنه حر في الظاهر، وإنما صار مملوكاً باعترافه، فاقتضى أن يكون مملوكاً لمن اعترف به. ولو كان معترفاً بالرق قبل اعترافه لأحدهما، ثم صدق أحدهما وكذب الآخر كان بينهما.

والثانية: أن يكون المدعي رقه صغيراً غير مميز، فيحكم برقه لمدعيه يدا، لأنه لا منازع له فيه، وليس ببالغ فيعرب عن نفيه فإن بلغ هذا الهبد، وأنكر الرق وادعى الحرية لم تقبل دعواه إلا ببينة تشهد له بالحرية، فإن طلب أحلاف سيده أحلف له ولو كان هذا صغيراً فاستخدمه الواجد، ولم يدع في الحال رقه حتى بلغ ثم ادعى رقه بعد بلوغه ففيه وجهان:

أحدهما: وهو قول أبي حامد الإسفراييني، يحكم له برقه بغير بينة لأن يده عليه، فقبل قوله فيما بيده.

والثاني: أن دعواه إذا تأخرت عن الصغير، صارت مستأنفة عليه بعد الكبر، ودعواه بعد الكبر لا تقبل، إلا ببينة وهذا أظهر الوجهين عندي.

<<  <  ج: ص:  >  >>