للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالثة: أن يكون هذا المدعي رقه مراهقاً مميزاً، وليس ببالغ ففي ثبوت رقه بمجرد الدعوى وجهان:

أحداهما: يحكم له برقه عبداً له، ولا يؤثر فيه إنكاره قبل بلوغه، ولا بعد بلوغه إلا بينة تشهد بحريته لأن حكم ما قبل البلوغ في ارتفاع العلم سواء.

والثاني: أن الحكم برقه موقوف على إقراره، وإنكاره فإذا اعترف له بالرق حكم له بعبوديته، وإن أنكر الرق حكم له بالحرية، ولا يحلف على إنكاره إلا بهد بلوغه، ولا يمتنع أن يكن لقوله قبل البلوغ حكم، وإن لم يجر عليه قلم، كما يخبر قبل البلوغ بين أبويه، ويصح منه فعل الصلاة وإن لم تلزمه، ويسمع خبره في المراسلات والمعاملات، ويشبه أن يكون هذان الوجهان من اختلافهم في صحة إسلامه بعد مراهقته، وقبل بلوغه وكرم الشافعي هاهنا في قوله: " إذا كان لا يتكلم" دليل على أنه إذا كان يتكلم بالمراهقة والتمييز أن يعتبر إقراره وإنكاره، وقد تأوله من قال بالوجه الأول أن معناه إذا كان ممن لا حكم لكلامه.

مسألة

قال الشافعي رضي الله عنه: " فإن أقام رجل بينة أنه ابنه جعلته ابنه وهو في يدي الذي هو في يديه"

قال في الحاوي: يعني الصغير إذا دعاه رجل عبداً وحكم له برقه بمجرد دعواه، ثم ادعاه رجل آخر ولداً وأقام بينة بأنه ولده صار ابنا له ولم يزل عنه رق الأول، لأنه لا يمتنع أن يكون زيد عبدا لعمرو، لأنه يجوز أن يكون وقد ولد له من أمه تزوجها، فيكون له ابناً وهو مملوك لسيد الأم فلم يتنافى لحوق نسبه، وثبوت رقه، إلا أن يشهد بينة المدعي لنسبه، وأنه ولد له من حرة تزوجها، أو من أمة ملكها فيكون الولد حراً لأنه لا يجوز أن يولد الحر من الحرة إلا حراً ومن أمته إلا حراً لو كان مدعي أبوته لم يقم البينة يا فصدقه الولد عليها فالصحيح من المذهب أنه يثبت نسبه بتصديقه وإن كان على رقه لمدعي عبوديته لأنه حق للسيد في نسب العبد فنفذ فيه إقرار العبد.

وفيه وجه آخر: أنه لا يثبت النسب بتصديقه لما فيه من الضرر العائد على سيده، بأن يصير بعد عتقه موروثاً بالنسب دون الولاء وفيه ضرر على السيد في أبطال ميراثه بالولاء.

مسألة

قال الشافعي رضي الله عنه: " وإذا كانت الدار في يدي رجل لا يدعيها فأقام رجل البينة أن نصفها له وآخر البينة أن جميعها له فلصاحب الجميع النصف وأبطل

<<  <  ج: ص:  >  >>