دعواهما في النصف وأقرع بينهما قال المزني: فإذا أبطل دعواهما فلا حق لهما ولا قرعة وقد مضى ما هو أولى به في هذا المعنى"
قال في الحاوي: وجملته أن مقيم البينة بجميعها إذا تورع فيها بإقامة البينة في نصفها، فقد سلم له نصفها لأنه لا تنازع فيه ولا تعارض، وإنما تتعارض بينتاهما في النصف الآخر، فيكون تعارضهما فيه على الأقاويل الثلاثة.
أحدها: إسقاطها فيه، ويخلص لصاحب الكل النصف ولا يحمل على القولين إذا ردت الشهادة في البعض، أن ترد في الكل، لأن مقيم البينة بالنصف قد سلم لصاحب الكل النصف، فخرج من النزاع ولم يفتقر إلى البينة فعلى هذا لا يخلو صاحب اليد من أحد أمرين: أما أن يدعيها ملكاً أو لا يدعيها.
فإن ادعاها ملكا زال ملكه عن نصفها المحكوم به لمدعي الكل وفي رفه يده عن النصف الآخر الذي تعارضت فيه البينة حتى سقطت وجهان:
أحدهما: تقر في يده، ولا تنتزع لسقوط البينتين بالتعارض، ويصير فيه خصماً للمتنازعين.
والثاني: أن تنتزع من يده، لاتفاق البينتين على عدم ملكه، وليس تعارضهما من حقه وإنما تعارضهما في حق المتنازعين وهي غير متعارضة في حق صاحب اليد، وإن لم يدعها ملكاً رفعت يده، لتنازع غيره في ملكها لتوقف على المتنازعين فيه، فيتحالفان على النصف الذي وقع فيه التعارض عند إسقاط البينتين فيه، فإن حلفا جعل بينهما وصار المدعي الكل ثلاثة أرباعها ولمدعي النصف ربعها. وإن نكلا حكم لصاحب الكل بالنصف وكان النصف الباقي موقوفاً وإن حلف أحدهما، ونكل الآخر، قضى به للحالف منهما دون الناكل فإن كان الحالف صاحب الكل، قضى له بجميع الدار، وإن كان صاحب النصف كانت الدار بينهما.
والقول الثاني: يقرع بينهما مع التعارض، فإن قرعت بينة صاحب الكل سلم إليه جميع الدار، وفي أحلافه قولان، وإن قرعت بينة صاحب النصف جعلت الدار بينهما نصفين، وفي أحلافه وقولان ويدفع عنها صاحب اليد، سواء ادعاها ملكاً أو لم يدعها.
والقول الثالث: استعمال البينتين وقسم النصف بينهما نصفين، فيصير لصاحب الكل ثلاثة أرباعها ولصاحب النصف ربعها وصاحب اليد مدفوع بها.
فصل
وأما المزني فأنه لما قال الشافعي:
"أبطل دعواهما في النصف، وأقرع بينهما"
اعترض عليه فقال: كيف يقرع بينهما فيما قد أبطل فيه دعواهما وهذا الاعتراض فاسد، ولأصحابنا عنه جوابان: