وإذا تنازعا داراً في يد غيرهما، وأقام أحدهما البينة أن الدار كانت له منذ سنة، وأقام الآخر البينة أن الدار كانت في يده منذ سنة، فإن لم تجعل الشهادة بقديم الملك موجبة لملك وتقديم اليد موجبة لليد لم يحكم لواحد منهما ورجع إلى صاحب اليد في تصديقها أو تكذيبها، وإن جعلت الشهادة بهما موجبة للملك واليد في الحال حكم بالدار لمن أقام الشهادة بقديم الملك، دون من أقامها بقديم اليد، وكذا لو أقامها بيد في الحال، لأن الملك أقوى من اليد فلذلك حكم به على صاحب اليد.
مسألة
قال الشافعي رضيا الله عنه:" وإذا كانت الدار في يدي ثلاثة فادعى أحدهم النصف والآخر الثلث وآخر السدس وجحد بعضهم بعضا فهي لهم على ما في أيديهم ثلثا ثلثاً"
قال في الحاوي: وصورتها في دار في أيدي ثلاثة تداعوا فادعى أحدهم نصفها ملكاً وباقيها يد بإجارة من مالك غائب أو عارية أو وديعة، وأنه لا ملك فيها لهذين ولا يد حق، وادعى الثاني ثلثها ملكاً وباقيها يداً بإجارة أو عارية أو وديعة لغائب،، وأنه لا لملك فيها لهذين ولا يد لحق. وادعى الثالث سدسها ملكاً وباقيها يداً بإجارة أو عارية أو وديعة لغائب وأنه لا حق فيها لهذين، ولا يد بحق وأنها كانت متأولة على هذه الصورة بما أشار إليه الشافعي من قوله:" وجحد بعضهم بعضا" لأن كل واحد منهم لو لم يدع الباقي يداً لما كان بينهم تجاحد ولكانوا متفقين على ما ادعوه ملكاً ولكان لصاحب النصف النصف، وإن كان أكثر مما بيده لأنه ليس في هذين الحاضرين من يدعيه ملكاً ولصاحب السدس السدس، وإن كان أقل مما في يده لأنه ليس يدعي ما زاد عليه ملكاً ولكان لصاحب الثلث الثلث وهو قدر ما في يده وليس يدعي ما زاد عليه ملكاً.
وإذا كان في المسألة بعدما ذكروه من أملاكهم فيما تجاحد، ولم يتصور إلا على ما ذكرناه وأن كل واحد منهم ادعى ما ادعاه ملكاً وادعى باقيها يداً وهم في أملاكهم متفقون، وفي أيديهم متجاحدون، وقد تساوت أيديهم وإن اختلف أملاكهم فيها فتفرقت أيديهم أثلاثاً على ما أوجبه تساويهم، فينقض صاحب النصف عما زاد على الثلث، لأنه يدعيه ملكاً وهو في يد غيره فلم تقبل دعواه، ويزاد صاحب السدس باستكمال الثلث، لأن له فيه لا يداً يدعيه مالكاً لغائب، فأقرت يده عليه للغائب لأنه منازع فيه بغير بينة ولا يد، وصاحي الثلث لم يزد على ما ادعاه ملكاً ولم ينقض، لأن له في الثلث يداً، فلم