للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزعه"، فأبطل الاعتبار بالشبه الذي يعتبره القائف، وبما روي أن العجلاني لما قذف من شريك ابن السحماء بزوجته وهي حامل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "إن جاءت به على نعت كذا، فلا أره إلا وقد صدق عليها، وإن جاءت به على نعت كذا، فلا أراه إلا وقد كذب عليه"، فجاءت به على النعت المكروه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أمره لبين لولا ما حكم الله لولا الأيمان، لكان لي ولها شأن". فدل على أن حكم الله يمنع من اعتبار الشبه. د

قالوا: ولو كانت القيافة علمًا لهم في الناس، ولم يختص بقوم ولأمكن أن يتعاطاه كل من أراد كسائر العلوم فلما لم يعلم ولم يمكن أن يتعلم بطل أن يكون علمًا يتعلق به حكم، ولأنه لما لم يعمل بالقيافة في إلحاق البهائم كان أولى أن لا يعمل بها في إلحاق الأنساب، واستدلوا على جواز إلحاق الولد بآبائه لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر". فلما لم يمتنع الاشتراك في الفراش لم يمتنع الاشتراك في الإلحاق، وبما روي عن قضية عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (اختصما في رجلين إليه وقد وطئا امرأة في طهر واحد، فأتت بولد فدعا بالقائف وسأله فقال: قد أخذ الشبه منهما يا أمير المؤمنين، فضربه عمر بالدرة، حتى أضجعه ثم حكم بأنه ابنهما يرثهما، ويرثانه، وهو للباقي منهما، فلم يظهر له في الحكم بهما فخالف مع اشتهار القضية، فصار كالإجماع.

قالوا: ولأنهما قد اشتركا في السبب الموجب لثبوت النسب، فوجب أن يكون لاحقًا بهما كأبوين.

قالوا: لأن أسباب التوارث لا يمتنع الاشتراك فيها كالولاء، واستدلوا على جواز خلقه من ماء رجل بأنه لما خلق الولد من ماء الرجل الواحد، إذا امتزج بماء المرأة في الرحم كان أولى أن يخلق من ماء الجماعة، إذا امتزج ماؤهم بمائها، لأنه بالاجتماع أقوى وبالانفراد أضعف، والقوة أشبه بعلوق الولد من الضعف.

قالوا: ولأنه إذا حاز أن يخلق من اجتماع ماء الرجل الواحد من إنزال بعد إنزال، جاز أن يخلق من اجتماع ماء الجماعة من وطئ بعد وطئ، لأن اجتماع المياه من الجماعة كاجتماعهما من الواحد.

فصل:

والدليل على اعتبار الشبه في الأنساب، إذا اشتبهت، والعمل فيها بالقيافة، ما روي الشافعي في صدر الباب عن سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضوان الله عليها، قالت: "دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرف السرور في وجهه".

وروى ابن جريج عن الزهري: تبرق سرائر وجهه، فقال ألم ترى أن مجززًا المدلجي نظر إلى أسامة وزيد، عليهما قطيفة، فقد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما،

<<  <  ج: ص:  >  >>